زكاة الفطر والموبي كاش !

[post-views]
6

بوابة ليبيا الإخباري

هل يمكن أن نستخرج كم صاع من الزبيب كزكاة فطر لعائلة لم تعد قادرة على توفير حفاظات لأب مقعد، أو أبن يحتاج إلى حقن الأنسولين بسبب مرض السكري من النوع الأول؟.

سلة احتياجات سكان الجزيرة العربية قبل أربعة عشر قرنا لم تعد هي ذاتها اليوم حتى بالنسبة لسكان الجزيرة العربية.

فالحمير التي تستخدم للنقل صارت سيارات دفع رباعي،والبُراق الميثالوجي صار طائرات أير باص،والكي بالنار والحبة السوداء تحولت إلى جراحات معقدة وقائمة نمطية لآلاف الأدوية،ورباط الخيل صارت دبابات تي90 وطائرات شبح، وهدهد سليمان صار جهاز آيفون، وزد على ذلك البث الفضائي،وشبكة الانترنت،وقرابة ربع سكان العالم بما فيهم شيوخ دين يتبادلون الحديث تحت خيمة الفيس بوك،وبات العالم نجعا كونيا صغيرا.

وتأسيسا على ذلك نسأل من يستخدمون مواقع التواصل كمنصات وعظ،ويحذرون من استخراج زكاة الفطر أموالاً،ألا يعرفون أنه قبل عشرة قرون لم يكن هناك انترنت،ولا مكبرات صوت في الجوامع،ولم يكتشف الطب الأمراض المزمنة كالسكري وضغط الدم، وهي أمراض مميتة أضحت اليوم مستأنسة؟

المشكلة أننا لم نفرق بين سيرة النبي الصادق والأمين والعادل،وهي قيم مطلقة لا علاقة لها بزمان ولا مكان، وبين حياته المرتبطة بنمط انتاج واستهلاك لا يتجاوز بقعة من الجزيرة العربية في القرن السابع.

هذا الإلتباس هو نتاج ذهنية مغلقة،وغير قادرة على التصالح مع العصر بكل ما فيه من تراكم معرفي ومكتسب علمي،وما زالت أكثر تصميما على العيش خارج التاريخ.

فالنقود الورقية المرفوضة كوسيلة لاستخراج الزكاة،لم تظهر حتى بعد عشرة قرون من بداية الدعوة الإسلامية،ولم يعرف العرب المصارف المركزية والسياسة النقدية حتى في القرن السابع عشر،وأول دينار ذهبي تم صكه في عهد عبدالملك بن مروان بعد أكثر من سبعة عقود عن الهجرة.

النقود تعني وعاء للقيمة أي قمح،أو حليب أطفال، أو أي سلعة كانت،والمستحق للزكاة أدرى باحتياجاته التي قد تكون،معجون طماطم، أو مسكناً للقرحة، أو بدلة لطفل من حقه أن يفرح بالعيد.

عندما نرفض منتجات العصر علينا أن نقاطعها كلها،ونتخلى على النقالات، والبيوت الصحية، والسيارات المكيفة،المراكز الطبية المتقدمة التي تدخل في تحديد جنس الجنين،ونرمي كل مفردات العصر، لنعود إلى الرمضاء والخيام، ولا نستعمل النفط إلا لعلاج جرب الإبل، وبدل أن نتقاضى المرتبات نقوداً نتقاضها أرز، وبلح، وزيت، ونتخلص من مشكلة شح السيولة !

للأسف العالم يفكر في استيطان الفضاء، ونحن لم نتفق بعد: هل نستخرج زكاة العيد نقوداً أو عدساً ؟


بقلم: عبدالرزاق الداهش

كاتب ليبي

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.