رؤية فى شكل الصدام الدولي فى ليبيا بعد الحضور الأمريكي

[post-views]
52

بوابة ليبيا الاخباري

يبدو أن الصفعة التى تلقطها ايطاليا فى ليبيا مؤخرا بعد تحرير درنة والهلال النفطي أفقدتها صوابها وتوازنها، واشعلت من رغبتها فى الانتقام ورد الصفعة لواشنطن بعد تخلي الامريكي عن مرتزقة ايطاليا فى ليبيا، فقررت وزيرة دفاع إيطاليا إليزابيتا ترينتا الهشر الماضي التخلي عن شراء دفعات إضافية من مقاتلات F-35 الأمريكية، برغم علمهم بأن ذلك القرار سيفرض عليهم غرامات، كي يتم تقليص عدد المقاتلات F-35 التى ستتحصل عليها ايطاليا من الولايات المتحدة الى 90مقاتلة بدلا من 131 (كما كان متفق عليه مع حلف الاطلسي).

 وصرحت إليزابيتا ترينتا بداية الاسبوع الجاري في حديث بثته قناة LA7، قائلة: “لن نقوم بعد بشراء مقاتلات F-35، قرارنا هذا سيؤدي لفرض الغرامات علينا، ونحن نفكر حاليا كيف سنتصرف مع العقود الحالية سارية المفعول في هذا الاتجاه”.

 حيث تقوم إيطاليا بتجميع طائرات F-35 الأمريكية قرب قاعدة كاميري في ميلانو، حيث أنفقت روما أكثر من 2.5 مليار يورو على برنامج تجميع هذه الطائرات الحربية، ويتوجب على إيطاليا وفقا لخطط الناتو شراء 131 مقاتلة من هذا الطراز، وتم تعديل هذا الرقم لاحقا ليصل إلى 90 طائرة، فيما تملك القوات الجوية الإيطالية في الوقت الراهن، 10 مقاتلات منها، وحتى الوقت الراهن تم إنتاج 300 طائرة من هذا النوع وهي تخدم في القوات الجوية الأمريكية، وفي بريطانيا وإسرائيل وإيطاليا والنرويج وهولندا وأستراليا واليابان.

 فالمندفعة التى صرحت مؤخرا “يا فرنسا القيادة فى ليبيا لنا” ظنت أنها لازالت تعيش بعهد ادارة باراك اوباما، كي تظل العقلية السياسية فى ايطاليا تتعامل بعقلية عصابات المافيا، ولا فرق بين ترنتا وبينوتي، ولا بين وزير الداخلية ماتيو سلفيني وسلفه ماركو مينيتي.

 وما حدث فى صبراتة بعد الاستعانة بالدباشي والعمو ومن على شاكلتهم، بعد ان جعلت ايطاليا من هولاء المرتزقة جنرالات عسكريين لصد الهجرة الغير شرعية من ليبيا لاوروبا، ثم اكتشاف ايطاليا بعدها، بأن الدباشي نفسه كان هو من يرسل مراكب الموت والمهاجرون لسواحل اوروبا، كان خير دليل على اندفاع قادة روما الدائم واختياراتهم الخاطئة.

فأن كان الاطليان يتفوقوا على الانجليز فى اللباقة، وعلى الفرنسيين فى الرشاقة، وعلى اليونانيين فى فن الطهي، وعلى الاسبان فى الاناقة، فيبقى الطليان أغبى أغبياء أوروبا فى السياسية، ولكم أن تتخيلوا ذلك المشهد عندما ارادت روما ان تعيد الثقة لطرابلس أمام الرأي العام، وامام صانع القرار الامريكي، فتوجه وزير خارجيتها انزو موافيري ميلانسيزي لطرابلس بداية الاسبوع الجاري، والتقى نظيره بحكومة الوفاق محمد سيالة، للاتفاق على تفعيل معاهدة الصداقة الموقعة بين البلدين في 2008، وتزامناً مع زيارة وزير خارجية إيطاليا لطرابلس، وتحديداً أثناء إجتماعه برئيس المجلس الرئاسي فائز السراج، دارت اشتباكات سمع دويها في مختلف أرجاء طرابلس بين محمد المشاي الملقب بـ أبوعزة آمر سرية الاسناد التابعة للامن المركزي ابوسليم والامن المركزي نفسه بقيادة عبدالغني الككلي غنيوة، حتى لقى الاول (الذى كان الذراع الايمن لغنيوة) مصرعه، بعد أن فارق الحياة فى مستشفى أبو سليم للحوادث عقب نقله له مصاباً قبل أن يقتحم مسلحين تابعين لغنيوة المستشفى وقتلوه داخل غرفة العناية المركزة، وكلاهما بجانب باقي قادة المليشيات التى تسيطر على القرار فى طرابلس سواء كان هيثم التاجوري او هشام بشر او غيره، جمعيهم ملقبون فى شوارع طرابلس بصبيان روما.

 والطامة الكبرى جائت عندما علم الناس أن سبب الاشتباكات بين حليفين الامس اعداء اليوم كان لمحاولة غنيوة إخلاء مقر شركة ريبسول الاسبانية لاستكشفات النفط من صبيان ابو عزة، قبل أن يتهم أبوعزة بالتخطيط للانقلاب عليه، وكلاهما سواء غنيوة أو أبو عزة تابعان لداخلية الوفاق التى يرأسها فايز السراج رئيس حكومة الوفاق، الذى كان يجتمع وقتها مع وزير خارجية ايطاليا انزومو رافيري ميلانسيزي، ليشرح له تجربته الناجحة (حسب زعمه) فى فرض الامن والاستقرار فى طرابلس، ويا للعجب.

عموما ستيفاني وليامز القائم بمهام السفارة الامريكية فى طرابلس ليست كديبورا جونز السفيرة الامريكية السابقة، والاهم ان وليامز ستلعب دور الامريكي والاممي معا فى ليبيا، بعد ان اصبحت نائب المبعوث الاممي غسان سلامة للشؤون السياسية فى ليبيا، ولذلك خليفة حفتر نفسه بعد تحرير درنة والهلال النفطي لن يكون كما قبل، كي تتغير قواعد اللعبة فى ليبيا لمجرد تحرك الامريكي خطوة واحدة كي يستبق بها الروسي خشية من تحول ليبيا لسوريا ثانية، فى ظل اعلان موسكو دعمها مؤخرا للجيش الوطني الليبي، وما نقلته الصحف التركية مؤخرا حول توجه سفن روسية محملة بالسلاح من البوسفور قاصدة بنغازي.

 والرابحون كالاتي اقتصاديا شركتي مارثون الامريكية وتوتال الفرنسي للتنقيب عن النفط، سياسيا فرنسا التى تتمدد على حساب ايطاليا فى ليبيا، وصارت لها الكلمة العليا منذ اجتماع خليفة حفتر وعقيلة صالح وخالد المشري والسراج بباريس مايو الماضي، عسكريا المشير خليفة حفتر دون غيره من الاطراف الداخلية.

والخاسرون اقتصاديا ايطاليا اولا وثانيا وثالثا، اما سياسيا ففى المقدمة يأتي رئيس حكومة الوفاق المدعو فايز السراج، ونائبه احمد معيتيق، وربما يلحق بهم خالد المشري الذى يخشى ان تكون نهايته كالسويحلي، و بالطبع باقي فريق حزب العدالة والبناء (ذراع الاخوان المسلمون السياسي)، عسكريا مصراتة والمقاتلة والاخوان، ومن تناحروا فى طرابلس أمس بسبب شركة ريبسول الاسبانية، وأن كان بالامس قتل ابو عزة على يد غنيوة، فغدا سيقتل غنيوة على يد ذراع أخر من أذرعته التى عاث بها في الأرض فسادا.


 فادى عيد

الباحث والمحلل السياسى بقضايا الشرق الأوسط

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.