دبلوماسية الصين في مواجهة أمريكا والعالم الغربي

[post-views]
35

بوابة ليبيا الاخباري 

كتب المحللان البريطانيان فرجينيا هاريسون ودانييل بالمبو في موقع الإذاعة البريطانية “بي بي سي” يوم 1 أكتوبر 2019 تحت عنوان “كيف أصبحت الصين “معجزة اقتصادية”؟.لم يتطلب الأمر إلا أقل من سبعين عاما لتحول الصين من دولة معزولة إلى واحدة من أعظم القوى الاقتصادية في العالم.

وبينما تحتفل البلاد بالذكرى السنوية السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية،نلقي نظرة على كيفية نشر هذا التحول الكبير ثراء غير مسبوق في هذا البلد المترامي الأطراف.

يقول كريس ليونغ، الخبير الاقتصادي في بنك سنغافورة للتنمية،“عندما تسلم الحزب الشيوعي مقاليد الحكم في الصين سنة 1949، كانت البلاد فقيرة جدا،ولم يكن لديها أي شركاء تجاريين ولا علاقات دبلوماسية واسعة.كانت الصين تعتمد كليا على الاكتفاء الذاتي”.

ولكن،وفي السنوات الـ 40 الماضية،اعتمدت الصين سلسلة من الاصلاحات الاقتصادية كان من شأنها فتح الطرق التجارية والسماح بالاستثمارات، وهي خطوات أدت في نهاية المطاف إلى إخراج مئات الملايين من دائرة الفقر.

بعد أن انتقد الكاتبان سياسة “القفزة الكبرى إلى الأمام” التي طبقها في خمسينيات القرن العشرين الزعيم ماو تسي دونغ لتصنيع الاقتصاد الصيني الذي كان يعتمد على الزراعة، والتي تقول الدعاية الغربية أنها فشلت وأدت إلى موت من 10 إلى 40 مليون شخص في الفترة المحصورة بين عامي 1959 و1961، في ما تعتبر واحدة من أسوأ المجاعات في التاريخ الانساني، وهو أمر كذبته القيادات الصينية المتتابعة وأكدت أن سياسة الزعيم ماو هي التي قادت إلى المعجزة الاقتصادية الحالية.

 ويسترسل الكاتبان أنه بعد وفاة ماو في عام 1976،بدأت الاصلاحات التي قادها الزعيم دنغ شياوبينغ في تغيير وجه الاقتصاد الصيني فقد منح المزارعون الحق في استغلال أراضيهم الخاصة مما ساعد في تحسين مستويات معيشتهم والتقليل من ظاهرة شح المواد الغذائية.

كما فتحت الأبواب للاستثمارات الأجنبية بعد أن أعيدت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والولايات المتحدة في عام 1979. وتدفقت الأموال على الصين من قبل المستثمرين الذين كانوا يتوقون للاستفادة من العمالة الرخيصة والايجارات المنخفضة في الصين.

ويقول ديفيد مان،كبير الاقتصاديين الدوليين في بنك ستاندارد تشارترد،“من نهاية السبعينيات إلى الآن،رأينا أكبر المعجزات الاقتصادية في التاريخ”.

وفي التسعينيات،بلغت نسبة نمو الاقتصاد الصيني مستويات قياسية.وانضمت البلاد إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 مما منح اقتصادها دفعة اضافية.فقد انخفضت التعريفات الجمركية المفروضة على المنتجات الصينية في شتى البلدان،مما أدى إلى انتشار هذه السلع في كل مكان.

ويؤكد مان “أصبحت الصين ورشة العالم”.

انظروا لهذه الأرقام التي أصدرتها كلية لندن للاقتصاد: ففي عام 1978،بلغت قيمة صادرات الصين 10مليارات دولار فقط،أي أقل من 1 في المئة من حجم التجارة العالمية.ولكن في عام 1985،بلغت قيمتها 25 مليار دولار،وبعد عقدين فقط ارتفعت قيمة الصادرات الصينية إلى 4.3 تريليون دولار مما جعل الصين أكبر دولة مصدرة للسلع في العالم.

أدت الاصلاحات الاقتصادية التي أطلقها دنغ إلى تحسين مستوى المعيشة بالنسبة للملايين من الصينيين.

ويقول البنك الدولي إن أكثر من 850مليون من الصينيين تمكنوا من الخروج من دائرة الفقر،وإن البلاد تسير حثيثا للتخلص من الفقر بشكل كلي بحلول عام 2020.

وفي الوقت ذاته،تسارعت مستويات التعليم بشكل هائل. ويتوقع بنك ستاندارد تشارترد أن تكون 27 في المئة من القوة العاملة في الصين تحظى بتعليم جامعي بحلول عام 2030، وهو معدل يساوي وضع ألمانيا الآن.

واشنطن تحاول حشد الحلفاء:

نقلت وكالة أنباء رويترز عن مسؤول أمريكي قوله للصحفيين يوم الجمعة 29 نوفمبر 2019 إن الولايات المتحدة ستناقش التهديدات التي تمثلها الصين،بما في ذلك هيمنتها على شبكات اتصالات الجيل الخامس،عندما يلتقي الرئيس دونالد ترامب مع الحلفاء في قمة حلف شمال الأطلسي في لندن يومي 4 و 5 ديسمبر.

ورغم أن الولايات المتحدة والصين تسعيان جاهدتين لإنجاز اتفاق بخصوص المرحلة الأولى من اتفاقية تجارية،قال المسؤول الكبير في الإدارة الأمريكية إن واشنطن سوف تصر على أن يستخدم الحلفاء مزودي شبكات جديرين بالثقة.

وذكر المسؤول ”هذا يمثل أولوية قصوى بالنسبة لنا والرئيس سوف يجدد التأكيد على تلك الرسالة“.

وتحذر الولايات المتحدة حلفاءها من استخدام المعدات التي تصنعها شركة هواوي تكنولوجيز الصينية،وتقول إن الصين يمكن أن تستخدمها للتجسس. وتستند المخاوف إلى قانون صيني بشأن تعاون الشركات المحلية مع الحكومة في الأمور الأمنية،حيث يقول منتقدون إن ذلك يمكن أن يجبر الشركات على أن تصبح أداة للتجسس الصيني وتنفي هواوي مزاعم واشنطن.

وذكر المسؤول الأمريكي أن الصين تشكل تحديا لحلف شمال الأطلسي وتريد تقويض النظام الدولي وفي واشنطن يقول السياسيون أن على حكومتهم ضمان حشد تحالف عسكري واقتصادي غربي عبر الناتو وغيره  وراء واشنطن للتمكن من إنهاء أو الحد من التحدي الصيني.

 قضية شركة هواوي تكنولوجيز الصينية التي تتحدث عنها واشنطن ليست سوى قمة جبل الجليد العائم الخاصة بمحاولات واشنطن وقف عملية تعديل النظام العالمي الذي تفرضه على العالم وتشكل بهيمنتها فيه وضعية احادية القطب الدولي الذي يتحكم في كل العالم.

ما إن تفكك الاتحاد السوفيتي نهاية سنة 1990 حتى بدأت الأنظار تتجه مباشرة إلى الصين كمنافس جديد أو كمقوض لهيمنة أمريكا على العالم ففي منتصف العقد الأخير من القرن الماضي ناقش صموئيل هانتغتون الخطورة المترتبة على هيمنة أمريكية على العالم جراء صعود الصين، يقول:“إذا استمر النمو الاقتصادي الصيني فإن ذلك سيكون القضية الأمنية الوحيدة والأشد خطرا،التي يواجهها صانعوا السياسة الامريكية في أوائل القرن الحادي والعشرين”. ثم بعد ذلك أصبح هذا الكلام -خطورة صعود الصين- شاغلا لصناع القرار، والإعلام، والمخططين الاستراتيجيين، وغيرهم.

نما الاقتصاد الصيني خلال العقود الأربعة الأخيرة بشكل متسارع، تضاعف الاقتصادي الصيني أكثر من 42 مرة خلال هذه الفترة، رافق هذا النمو عملية تحديث للصين بوتيرة سريعة، شملت عمليات التحديث: الجيش وقطاعات الصناعة والزراعة والبنى التحتية …نتج عن هذا النمو والتطور تمدد جيواقتصادي في البلدان المجاورة،وانفتاح تجاري هائل على العالم احتاجت الصين على إثر ذلك لمشروع يتيح لها تصدير منتجاتها بطرق أسهل وأوفر – “طريق الحرير”.

حرب فعلية:

يوم الخميس 21 نوفمبر 2019 حذر وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنغر من أن النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة يمكن أن يتحول إلى “حرب فعلية” بين البلدين العملاقين. وأضاف قائلا: “الحرب العالمية الأولى اندلعت نتيجة أزمة صغيرة نسبيا (…) بينما الأسلحة أقوى بكثير اليوم”. وزاد أن “الصين قوة اقتصادية كبرى. ونحن كذلك (…) ونحن محكومون بأن تتضارب مصالحنا في كل مكان في العالم”. وحذر كيسنغر من أن واشنطن لا تملك إطارا للتعامل مع بكين “كقوة عسكرية”. وأضاف أنه إذا واصل الطرفان النظر إلى “كل قضية في العالم على أنها نزاع بينهما”، فقد يكون ذلك “خطيراً على البشرية”.

الوزير الأمريكي السابق والذي يوصف بثعلب السياسة الأمريكية يعتقد أن النظام العالمي الجديد في مرحلة التأسيس على نار حامية حاليا،بعد أن أصبح ضرورة ملحة يفرضها الواقع الدولي المستجد في ظل تعاظم عدد الدول المستقلة وذات السيادة في الكرة الأرضية.وفي حديثة الذي جرى في بكين بمناسبة حاشدة أطلق عليها “منتدى بلومبيرغ للاقتصاد الجديد” والتي التأمت في الفترة بين 20 و22 نوفمبر 2019،قال عن المفاوضات التجارية الجارية بين البلدين “يعلم الجميع أن المفاوضات التجارية التي آمل أن تنجح وسأؤيد نجاحها،يمكن أن تكون مجرد بداية متواضعة للحوار السياسي الذي آمل أن يحدث.

يمر النظام العالمي الحالي بأزمة حقيقية انعكست في مشهد من الحروب المتنقلة والاضطرابات والعنف الأهلي والسياسي الذي يضطرم في غير بلد من العالم كما يرى كيسنغر.

وهناك في نظره أمر آخر،وهو التوتر الشديد الذي يسيطر على علاقات دولتين عظميين أولاهما تنتمي إلى المعسكر الشرقي وهي روسيا والثانية إلى الغربي منه وهي الولايات المتحدة،هذا ناهيك عن الاضطرابات الشديدة التي تسببها مواقفهما المتناقضة من الحروب والمواقع الساخنة في العالم، بسوريا وأوكرانيا على سبيل المثال لا الحصر،حيث تفترق المصالح وتعلو نبرة النفوذ لكل منهما.أما ميزان العلاقات بين الولايات المتحدة والصين فيرى كيسنغر أنه أكثر اعتدالا وغالبا ما يتأرجح بين محاولة التعاون وتطبيع العلاقة حينا، والتصادم والتوتير وتبادل الاتهامات أحيانا.

أما ماهية ومحددات النظم التي ترسم للنظام العالمي الجديد فيراها كيسنغر كامنة في المفاهيم السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي قامت عليها المجتمعات الغربية،وهو يرى في الولايات المتحدة قيادة عالمية اضطلعت بسدة السياسة العالمية في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية مباشرة،بانية أسس قيادتها على مبادئ الحرية والديمقراطية التي هي قاعدة منظومتها السياسية على أرضها.

يثني كيسنغر على سياسة الرئيس الأسبق باراك أوباما،خصوصا في فترة ولايته الثانية،والتي هدفت إلى تشكيل هيئة عالمية تشاركية تقوم على مفاهيم الأمن وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي بصورة معاصرة تتماشى مع المشهد الحداثي الفكري والتكنولوجي للقرن الحادي والعشرين.

ويؤطر لنا كيسنغر رؤيته في صورة نظام عالمي جديد لا يقوم على القطب الواحد، ويرى النظام العالمي الجديد،من هذا المنطلق الموضوعي لظروف عالم القرن الواحد والعشرين،نظاما يقوم على التشاركية بين الولايات المتحدة والصين،مستبعدا روسيا بشكل نهائي من معادلة قيادة العالم الجديد.

 لكن الرجل الذي يوصف بثعلب السياسة الأمريكية يقر أنه عندما كان هناك قطبان عالميان حتى نهاية عقد التسعينيات من القرن العشرين كان الاتحاد السوفيتي قوة عسكرية كبيرة منافسة مع أمريكا ولكنه لم يكن قوة اقتصادية عالمية،في حين أنه في الوقت الحاضر أصبحت الصين قوة اقتصادية عالمية وعسكرية كذلك تنافس الولايات المتحدة ومن هنا ينبعث الخطر.

 محللون قدروا أن كيسنغر يسعى إلى خلق تناقض جديد بين الصين وروسيا ومنع تبلور تحالف حقيقي بينهما وبذلك تستطيع الولايات المتحدة في نهاية المطاف الاحتفاظ بهيمنتها العالمية.

 طرح العالم السياسي الأمريكي صموئيل هانتنغتون سنة 1996 احتمالية أن لا تتصدى الولايات المتحدة للصين بشكل مباشر وإنما تعلب دورا ثانويا،إذا وجد من يلعب الدور الأساسي، حيث قال في كتابه “صدام الحضارات”: “نظريا،قد تحاول الولايات المتحدة أن تحتوي الصين بأن تلعب دور توازن ثانويا، إذا لعبت دولة أخرى دور الموازن الرئيسي”.

بعد أكثر من خمس عشرة سنة جاء مستشار الرئيس الأمريكي جيمي كارتر للأمن القومي زبيغينو بريجنسكي لينظر لما هو أبعد من ذلك. ذهب إلى أن حالة شرق وجنوب آسيا اليوم أشبه ما تكون بواقع أوروبا قبل الحربين العالميتين،وتوقع أن يكون المآل هو نفسه: “حرب مدمرة تشبه الحربين العالميتين”. ثم ينصح الولايات المتحدة عندما تحصل هذه الحرب بقوله: “على الولايات المتحدة أن تسترشد بالمبدأ العام المتمثل بأن أي تورط عسكري أمريكي مباشر في صراعات بين قوى آسيوية متنافسة يجب تجنبه”.

في كتابه هذا “رؤية استراتيجية” الذي وضع فيه رؤيته للمحافظة على هيمنة أمريكا على العالم،ينصح بريجنسكي الولايات المتحدة أن تتوقف عن لعب دور شرطي العالم مؤقتا،وأن تتيح الفرصة للقوى الآسيوية كي تتصارع بينها،وتستنزف مقدراتها.

 حاولت واشنطن معاكسة السياسة الصينية مباشرة أو عبر دول أخرى،فردا على المشروع الصيني “طريق الحرير” أعلنت كل من الهند واليابان عام 2016 عن مشروع “ممر النمو الآسيوي الأفريقي” للربط البحري بين القارة الإفريقية والهند وغيرها من البلدان في الجنوب الآسيوي وجنوب شرق آسيا، وللحد من النفوذ المتزايد للصين في القارة السمراء. استثمرت اليابان 40 مليار دولار في المشروع وتستعد لتوفير 200 مليار أخرى. كما استثمرت الهند هي الأخرى 20 مليار دولار، وتستعد لتوفير المزيد.

كانت الهند قد خسرت الجولة الأولى في حرب النفوذ بينها والصين في ميانمار، حققت الأخيرة نفوذا جيوسياسيا وعسكريا مهما في البلد إضافة إلى النفوذ الاقتصادي وفر استثمار ميناء كياوك فرو على خليج البنغال في أراكان، للصين تواجدا استراتيجيا مهما في المياه العميقة للمحيط الهندي.

ما أن ضمنت الصين موطئ قدم لها في خليج البنغال على المحيط الهندي حتى بدأت توسع نفوذها في مناطق أخرى وقعت في عام 2015 مع الباكستان عقد استثمار ميناء جوادر جنوب غرب باكستان،ما يضمن وجودا لها على بحر العرب لمدة 43 سنة ثم مددت الصين نفوذها إلى سريلانكا،حيث وقعت معها في منتصف 2017 اتفاقية تطوير ميناء “هامبانتونا” جنوبي سريلانكا مستحوذة على 70 بالمئة من أسهم الميناء يعلق على ذلك الدبلوماسي الهندي جي بارثاسارثي ” بقوله: “هي إستراتيجية تنتهجها بكين لبناء تحالفات عسكرية وقواعد بحرية من جيبوتي مرورا بباكستان وسريلانكا وبنغلاديش وميانمار لتطويق الهند ومواجهة أعدائها”.

نهاية الهيمنة:

كتب جوناثان ماركوس مراسل الشؤون الدبلوماسية والدفاع في “بي بي سي” بتاريخ 26 أغسطس 2019 تحت عنوان “هل تستمر الهيمنة العسكرية الأمريكية في آسيا مع تقدم القوة الصينية الصاعدة؟”:

طالما تحدث الخبراء عن التحديث العسكري السريع في الصين، ووصفوها بـ “القوة الصاعدة”.لكن مثل هذه التحليلات قد تكون قديمة فالصين لم تعد قوة صاعدة، إذ صعدت بالفعل،وأصبحت تتحدى الولايات المتحدة في مجالات عسكرية عديدة.

وهذا ما خلص إليه تقرير جديد أصدره مركز الدراسات الأمريكية في جامعة سيدني الأسترالية.

وحذر التقرير من أن خطة الدفاع الأمريكية في منطقة المحيط الهادي والهندي “على شفا أزمة غير مسبوقة”، وأن واشنطن قد تعاني في الدفاع عن حلفائها أمام الصين.

وجاء فيه أن “الولايات المتحدة لم تعد تتمتع بالتفوق العسكري في منطقة المحيط الهادي والهندي” وأن قدرتها على “الاحتفاظ بتوازن القوى لصالحها أصبحت محل شكوك متزايدة”.

ويشير التقرير إلى أن ترسانة الأسلحة الهائلة التي تمتلكها بكين تهدد القواعد الأساسية التي تمتلكها الولايات المتحدة وحلفائها. وأن مثل هذه القواعد “يمكن اعتبارها بلا فائدة مع بداية الضربات الجوية في الساعات الأولى لأي صراع”.

والصين ليست قوة عظمى عالمية مثل الولايات المتحدة. وثمة شكوك قوية في أن طموحها العسكري قد يصل إلى هذه الدرجة لكن هذه الفرضية قد تتغير مع توسع الصين البطيء في شبكات الموانئ والقواعد خارج أراضيها.

وحتى الآن،يعتمد نفوذ الصين الدولي على قوتها الاقتصادية وتفتقر الصين إلى “الرغبة في الهيمنة”، وهو الإحساس المرتبط بوجود مهمة خارجية،الذي كان وراء سعي الولايات المتحدة للهيمنة العالمية خلال القرن العشرين.

كما أن الصين تفتقر إلى أدوات القوة الناعمة كالتي تملكها الولايات المتحدة،والتي تشجع الآخرين على مشاركتها نفس القيم فلا شيء يضاهي سراويل الجينز الزرقاء، أو هوليوود، أو البرغر.

وتشير الكثير من الشواهد إلى أن القوة العسكرية الأمريكية ما زالت أكبر من نظيرتها في بكين فالترسانة النووية الأمريكية وكذلك الروسية أكبر بكثير من الصين.

كما تحتفظ الولايات المتحدة بتفوقها التكنولوجي في مجالات هامة مثل جمع المعلومات المخابراتية،وأنظمة دفاع الصواريخ الباليستية، وأحدث الطائرات الحربية وتستند على شبكة قوية من العلاقات المتجذرة في آسيا،ومن خلال حلف شمال الأطلنطي “ناتو” في أوروبا.

وفي المقابل،لا تمتلك الصين مثل هذا النوع من نظام التحالفات لكنها تعمل بجد على سد الفجوة التكنولوجية مع الولايات المتحدة. وما يهم الصين في كل الأحوال هو آسيا،وما تراه بلغة التوسع باحتها الخلفية “امتدادها الاستراتيجي”.

وإذا أخذنا بنظر الاعتبار عاملين أساسيين،هما القرب الجغرافي والتركيز،فإن ذلك يعني أنه في محيط آسيا،الصين بالفعل قوة عظمى تنافس الولايات المتحدة.

وعكفت الصين على دراسة القدرات القتالية الأمريكية،وتوصلت إلى استراتيجية فعالة لمحاكاة المصادر المعتادة للقوة العسكرية الأمريكية،خاصة مجموعة الحاملات المقاتلة القوية التي تمتلكها البحرية الأمريكية،والتي تعتبر العامل الرئيسي في قدرة الولايات المتحدة على إظهار القوة.

ويشار إلى هذه الاستراتيجية في التعبيرات العسكرية باسم “منع الوصول والإبعاد عن المساحات”، وتركز الصين بمقتضاها على تطوير مجموعة من المجسات وأنظمة التسليح التي تأمل أن ترد القوات الأمريكية عن العمل قرب أراضيها لأبعد مسافة ممكنة.

وكانت هذه الاستراتيجية دفاعية في بداية الأمر لكن المحللين يرون أن قدرات الصين في تزايد مستمر، ما يمكنها من انتهاز الفرص، والثقة في قدرتها على ردع أي رد فعل أمريكي والتعايش معه.

وتشير الدراسة الأسترالية إلى أن الأنظمة الصينية المضادة للتدخل “تستهين بقدرة الولايات المتحدة على ممارسة القوة في منطقة المحيط الهادي والهندي،ما يزيد من خطورة أن تستخدم الصين قوة محدودة لتحقق انتصارا محدودا قبل أن تستطيع الولايات المتحدة الرد، وهو ما يهدد الضمانات الأمنية الأمريكية”.

وهدف الصين حال حدوث أزمة هو منع القوات الأمريكية من الوصول إلى منطقة “سلسلة الجزر الأولى”، وهي منطقة بحر الصين الجنوبي التي يحدها خط يبدأ من جنوب اليابان، مرورا بتايوان وغرب الفلبين.

كذلك تسعى لتحجيم الوصول إلى “سلسلة الجزر الثانية” الخارجية، عن طريق الأسلحة التي يمكنها الوصول إلى القواعد الأمريكية في جزيرة غوام. ويمكن إنجاز هذه الخطة عن طريق الأسلحة والصواريخ الصينية المتمركزة على الأرض.

وبالطبع،لا تغفل وزارة الدفاع الأمريكية مثل هذه الخطة لكن بعد عقود من خطط الرد على الهجوم،يعاد الآن تسليح وتشكيل الجيش الأمريكي مع تجدد صراع القوى فأيام الحرب الباردة،كان الاتحاد السوفيتي في بؤرة هذا الصراع واليوم، حلت الصين محله.

لكن تقرير جامعة سيدني يشكك فيما إذا كانت واشنطن تولي هذه المهمة ما تستحقه من اهتمام وجاء فيها أن “عقلية القوة العظمي التي عفا عليها الزمن ما زالت تسيطر على مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية،ومن شأنها تحجيم قدرة واشنطن على الوفاء بالالتزامات الدولية الأخرى، أو القيام بالمواءمات الاستراتيجية المطلوبة للنجاح في منطقة المحيط الهادي والهندي.”

“والولايات المتحدة لديها قوة هائلة لكنها ليست على ما يكفي من الجاهزية،أو التسلح، أو الاستعداد لسباق قوة كبير.” كما حذر التقرير من أن أي تراكم في أولويات التسليح المستمر “من المحتمل أنه سيفوق قدرة ميزانيتها”.

ويمثل هذا التقرير وثيقة جادة من مؤسسة مرموقة في واحدة من أكثر البلاد الحليفة للولايات المتحدة في المنطقة.

ومن الواضح أن الصين تشعر بالقوة،وهو ما يمكن ملاحظته في لهجة وثيقة الدفاع البيضاء التي نشرتها مؤخرا.

وقرر الرئيس الصيني شي جينبينغ ألا يقتصر موقفه على مواجهة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الحرب التجارية الدائرة، بل اتخاذ موقف أشد حزما سواء بالتعامل مع المظاهرات في هونغ كونغ، أو الموقف التاريخي المتعلق بتايوان.

ومن المستحيل وقف النمو العسكري الصيني الذي يتماشى مع نموها الاقتصادي. لكن بعض الخبراء يخشون أن سياسات ترامب زادت من صعوبة الموقف المتأزم أصلا.

ويرى الكثيرون في الولايات المتحدة أنه حان الوقت لمواجهة الطموح التجاري الصيني،لكن طريقة هذه المواجهة تثير مخاوف الكثير من الخبراء من أن واشنطن ستخسر الحرب التجارية.

وبشكل عام،غالبا ما تفتقر إدارة ترامب في سياستها الخارجية إلى منحى استراتيجي واضح،وعرضة للتخبط بسبب حساب الرئيس على تويتر، والتشتت بسبب قضايا سخيفة مثل الرغبة في شراء غرينلاند.

وعلى النقيض،تتمتع الصين ببوصلة واضحة،ولديها خطة لتوجهاتها،والوسائل التي تحقق بها أهدافها ويبدو أنها بفضل العزم ووضوح الأهداف قد وصلت بالفعل.

تكتيكات الحرب الباردة:

بداية سنة 2019 ويوم 19 يناير نشرت صحيفة الفايننشال تايمز مقالا كتبه، جيفري ساكس، يقول فيه إن “تكتيكات الحرب الباردة” التي يستخدمها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لن تنفع مع الصين.

ويقول ساكس إن الإجراءات الاقتصادية التي أعلنتها واشنطن تجاه الصين مقتبسة من الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي والمناوشات مع اليابان في الثمانينات لكن الصين، على حد تعبيره، ليست الاتحاد السوفيتي ولا هي اليابان.

ويرى الكاتب أن الإجراءات التجارية الأمريكية تجاه الصين من شأنها، إذا لم تتوقف في المستقبل القريب، أن تضر بالاقتصاد العالمي والولايات المتحدة نفسها.

ويضيف أن الصين تتقدم على الولايات المتحدة في الناتج المحلي الإجمالي وتجاريها أو تتقدم عليها في مجال التكنولوجيا، مثل الجيل الخامس للهاتف النقال ويعتقد الكاتب أن الصين ستنافس بداية من 2020 شركتي الطيران المدني بوينغ وإيرباص.

ويتوقع ساكس ألا تتمكن أي دولة مستقبلا من السيطرة الاقتصادية على غيرها والتفرد بالريادة العالمية،وهذا ينطبق على الولايات والمتحدة والصين أيضا وسيصبح اقتصاد الصين أكبر من اقتصاد أمريكا بفضل عدد السكان.

ويقول إن ما تقوم به الولايات المتحدة تجاه الصين هو “حرب باردة”،فهي تدفع حلفاءها الأمنيين في الناتو واليابان وأستراليا وغيرها إلى التوقف عن شراء التكنولوجيا الصينية المتطورة وزيادة نفقاتها العسكرية.

وقد انتشرت فكرة عدم شراء تجهيزات تكنولوجيا الاتصال الصينية ليس لثبوت أنها أبواب خلفية للصين،وإنما لاحتمال وجود هذه الأبواب الخلفية،أو ربما لأن السلطات الأمريكية تجد صعوبة في التجسس على مواطنيها باستعمال التجهيزات الصينية.

وقد شرعت جميع الوكالات الأمنية الأمريكية في منع الصين من شراء شركات التقنية ونشرت واشنطن فكرة مفادها أن الصين قد تتجسس على الأمريكيين باستعمال عربات قطار مصنوعة في الصين.

ويذكر الكاتب أن الولايات المتحدة سعت في الثمانينات إلى وقف صعود قطاع التصنيع في اليابان بإغلاق أسواقها أمام الصادرات وبفرض رسوم وحصص استيراد،مهددة بإجراءات عقابية إذا خفضت اليابان من قيمة عملتها ومن منتصف الثمانينات إلى التسعينات نجحت واشنطن في دفع الين إلى أعلى.

ويرى أن واشنطن تلعب اللعبة نفسها مع الصين إذا لم تتراجع قيمة اليوان إلا قليلا، منذ تولي ترامب السلطة.

ويضيف أنه “في الحرب التجارية الأمريكية صقور وحمائم ويريد الصقور إخضاع الصين تماما، أما المعتدلون فيبحثون عن تنازلات معينة منها، مثل الملكية الفكرية ولكنها لن توقف نمو الصين كما لا تنفع الولايات المتحدة كثيرا”.

الصين تهديد كبير مثل روسيا

بتاريخ 30 يناير 2018 جاء في تصريح لمدير الاستخبارات المركزية الأمريكية،مايك بومبيو الذي أصبح لاحقا في 26 ابريل 2018 وزيرا للخارجية،إن الجهود الصينية الرامية إلى فرض هيمنة خفية على دول الغرب هي نفس الجهود التخريبية التي تمارسها روسيا.

وأضاف بومبيو “لبي بي سي” أن الصين “لها بصمات أكبر” من روسيا في أداء هذه المهمة.واستشهد على سبيل المثال بجهود سرقة معلومات تجارية أمريكية واختراق مدارس ومستشفيات، وامتداد الجهود إلى دول أوروبا وبريطانيا. وأضاف بومبيو عن الصين وروسيا :”فكر في حجم هذين الاقتصادين”، وأن “لدى الصين بصمات أكبر من روسيا في أداء هذه المهمة”.

وكان ضابط سابق في الاستخبارات الأمريكية،هو جيري تشون شينغ لي، قد اعتقل في وقت سابق بتهمة الاحتفاظ بمعلومات سرية في قضية يعتقد أنها ذات صلة بتفكيك عمليات تجسس تابعة للجهاز في الصين.

كما قتل أو سجن نحو 40عميلا خلال عامين قبل اعتقال الضابط في واحدة من أكثر الاخفاقات الاستخباراتية الأمريكية خلال السنوات الماضية.

غير أن المسؤولين لا يعرفون حتى الآن إذا كان سبب الإخفاق هو نهوض الضابط السابق بدور العميل المزدوج أم اختراق بيانات أمريكية.

وقال بومبيو “لبي بي سي” إنه بإمكان الدول بذل قصارى الجهود جماعيا لمكافحة المساعي الصينية التي تهدف إلى فرض نفوذ على دول الغرب.

وأضاف :”يمكننا مراقبة الجهود المركزة جدا التي تهدف إلى سرقة معلومات أمريكية والتسلل إلى الولايات المتحدة عن طريق جواسيس وأناس يعملون لصالح الحكومة الصينية ضد أمريكا”.

قبل ذلك وبتاريخ 29 نوفمبر 2017 حذرت مؤسسة أمريكية للأبحاث من أن تكنولوجيا الذكاء الصناعي الصينية وتطويرها قد تشكل تهديدا للتوازن الاقتصادي والعسكري للقوى العالمية.

واستشهد تقرير المؤسسة بأمثلة على كيفية استخدام الذكاء الصناعي في الأغراض العسكرية.

وكانت الصين قد أعلنت في يوليو 2017 عن خططها القومية لتطوير الذكاء الصناعي،ودعت إلى اللحاق بركب الولايات المتحدة.

وذكر خبير تكنولوجي إن الانتقادات الموجهة قد تمثل “مبارزة” بين طرفين.

وأفاد تقرير صادر من مركز الأمن الأمريكي الجديد، الذراع البحثية للاستخبارات الأمريكية : “لم تعد الصين في مركز أقل تكنولوجيا بالنسبة للولايات المتحدة، بل أصبحت تنافس بحق ولديها القدرة على التفوق على الولايات المتحدة في مجال الذكاء الصناعي”.

وأضاف التقرير، الذي استشهد بوثائق متاحة: “يستثمر الجيش الصيني في عدد من المشروعات ذات الصلة بالذكاء الصناعي،كما تتعاون معاهد بحثية تابعة للجيش الصيني مع قطاع الصناعات الدفاعية الصينية”.وقال :”يتوقع الجيش الصيني استخدام الذكاء الصناعي في تغيير أساسي لطبيعة الحروب”.

 ذكرت إلزا كانيا،المشرفة على التقرير،إن بعض مؤسسات البحث التابعة للجيش الصيني تتوقع “التفرد” في ميدان المعركة،حيث لا يستطيع العنصر البشري مواكبة سرعة القرارات التي تديرها الآلة خلال المعركة.

وتدعو سياسة وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” حاليا إلى دور بشري في الخطوات الهجومية التي تنفذها الآلات،في حين تدرس الأمم المتحدة الدعوة إلى حظر استخدام الأسلحة المستقلة في ميدان المعركة.

وكتبت كانيا: “قد يستفيد الجيش الصيني من الذكاء الصناعي بطرق فريدة وربما غير متوقعة،قد تكون أقل تقييدا على الأرجح مقارنة بالمخاوف القانونية والأخلاقية في الفكر الأمريكي”.

وذكر نويل شاركي، رئيس حملة “أوقفوا الروبوت القاتل”، لبي بي سي إن اجتماعه مع مسؤولين صينيين أبرز عدم وجود رغبة في تطوير مثل هذه الأسلحة.

وأضاف: “يبدوا أنهم متخوفون مما يفعله الغرب، وأعربوا عن رغبتهم في منع مثل هذه الأسلحة،لذا قد يعتبر الوضع أشبه بمبارزة بين طرفين”.

ويتفق شاركي مع القول بأن الصين قد تلحق بركب الغرب “في غضون خمس سنوات”.

وذكر: “يوجد الكثير من الطلاب الصينيين في مجال بحوث الذكاء الصناعي وفي شركات مثل بايدو وعلي بابا وتينسينت،وهي جميعا تقوم بأشياء مثيرة للاهتمام. كما تملك شركة بايدو أكثر من 60منصة مختلفة للذكاء الصناعي واستثمرت مليار دولار فضلا عن شراء شركات غربية في مجال الذكاء الصناعي”.

كما نبه إريك شميت، رئيس شركة “ألفابيت” الشركة الأم لغوغل،إلى إمكانيات الصين في الذكاء الصناعي وقال خلال مؤتمر استضافته واشنطن أخيرا: “افترض أن تستمر قيادتنا خلال السنوات الخمس المقبلة،وسوف تلحق الصين بالركب بسرعة شديدة لذا وخلال خمس سنوات سنكون على قدم المساواة، على الأرجح”.

وأطلعت وكالة رويترز للأنباء على وثيقة غير معلنة من البنتاغون تحذر في وقت سابق من عام 2017 من تمكن شركات صينية من الإفلات من المراقبة الأمريكية،فضلا عن توصلها إلى تكنولوجيا أمريكية حساسة في مجال الذكاء الصناعي يمكن أن يكون لها تطبيقات عسكرية.

كما أشار تقرير حديث من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى نمو القوة التكنولوجية الصينية.

وأفاد التقرير إن عدد براءات الاختراع المسجلة في تكنولوجيات الذكاء الصناعي في أبرز خمسة مكاتب لحقوق الملكية الفكرية سجلت زيادة بنحو 6 في المئة سنويا في المتوسط خلال الفترة من 2010 إلى 2015، تتصدرها اليابان.

وتسهم اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة معا بما يزيد على 62 في المئة من طلبات تسجيل براءات الاختراع ذات الصلة بالذكاء الصناعي، غير أن طلبات التسجيل من جانب الصين وتايوان تزيد زيادة كبيرة.

 ويشير محللون إلى أن الكمبيوتر الخارق الصيني “صانواي تاهيلايت” يحتل المركز الاول بين أسرع النظم الإليكترونية على مستوى العالم حيث تقدمت الصين على الولايات المتحدة بإنتاج أكبر عدد من أجهزة الكمبيوتر الخارقة في قائمة تتضمن أسرع 500 نظام إلكتروني في العالم.

وطورت الصين حوالي 202 كمبيوتر من أعلى الأجهزة أداء حول العالم، وفقا للمسح الأخير الذي أجرته توب 500.

سلاح يدمر الولايات المتحدة:

نشرت صحيفة ديلي تلغراف يوم 7 أبريل 2018 تقريرا كتبه، أمبروز إفانز بريتشارد، يقول فيه إن الصين بإمكانها “ماليا” تدمير الولايات المتحدة، ولكنها لا تجرأ على ذلك.

ويقول الكاتب إن الصين بإمكانها في أي وقت “معاقبة الرأسمالية الأمريكية والإطاحة بساكن البيت الأبيض”، لكن القيادة الصينية لا تريد استعمال “القوة النووية” التي بين أيديها.

ويرى أن الصين تستطيع في أي وقت أن تشرع في تصفية أذونات الخزانة الأمريكية التي تملكها بقيمة 1.2 تريليون دولار، وتحويلها إلى عملات أخرى مثل الجنيه الاسترليني والدولار الاسترالي،لوقف ارتفاع سعر صرف اليوان.

ويعتقد القوميون الصينيون،حسب إفانز بريتشارد، أن إجراءات بسيطة مثل هذه، من شأنها أن تزرع الفزع وتصيب سوق السندات الأمريكي، في الوقت الذي تؤدي فيه إجراءات ترامب المالية إلى زيادة عجز الميزانية الأمريكية ليفوق تريليون دولار.

ويتوقع الصينيون أن تنتقل العدوى إلى الرهن العقاري الأمريكي والائتمان لتفجر أزمة مالية في وولستريت تسمى “أزمة ترامب”.

ويضيف الكاتب أن الصين ليست مطالبة بأن تقول أي شيء وحدها الأفعال ترد وإذا اضطرت إلى ذلك تقول إن السياسة الضريبية الأمريكية أفلتت من السيطرة، وإن إدارة ترامب ليست جديرة بحفظ ثروة أي دولة.

ويقول إفانز بريتشارد إن إمكانية اللجوء إلى هذه الإجراءات أصبحت في الواجهة بعدما تحدثت وزارة التجارة عن “إجراءات شاملة”، بمعنى أنها تتجاوز التجارة ولا يستطيع الرئيس، شي جينبينغ، الرد على رسوم ترامب الجديدة بفرض رسوم مماثلة لأن واردات الصين من الولايات المتحدة قليلة مقارنة بصادراتها.

لكن محللين ماليين يقولون إن الصين لا يمكنها عمليا استخدام سلاحها لأنه يصلح للتهديد فحسب،وتأثير الإجراءات المالية يكون سلبيا على الصين أيضا،التي تؤمن بالتعاملات التجارية المتعددة الأطراف ولا ترغب في فقدان حلفاء لها في العالم.


عمر نجيب

Omar_najib2003@yahoo.fr

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.