آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ

[post-views]
12

بوابة ليبيا الاخباري 

لم تغضب حين تركت المليشيات تسرح في رزق العباد، وتمرح في خيرات البلاد.
لم تغضب لمشهد النساء والعجائز في طوابير المصارف يتسولون حقهم، ويتعرضون للذل والمهانة.
لم تغضب حين صارت فردة الخبز بنصف دينار، وعلبة الحليب بستة دنانير، وكيلو اللحم بخمسة وأربعين ديناراً.
لم تغضب عندما صار حلم الشاب الليبي أحد شيئين لا ثالث لهما؛
إما امتطاء (دوشكة) ليتقاضى أجراً على قتل أناس لا يعرفهم، ولا يعرف لِمَ قتلهم.
وإما امتطاء قاربٍ ليهرب من واقع مرير إلى حيث يجد قوته، أو يكون قوتاً لحيتان المتوسط.
لم تغضب ونحن نعيش أياماً بسبب انقطاع الكهرباء أشبه بتلك الأيام التي يعيشها بلد إفريقي فقير في سبعينيات القرن الماضي.
لم تغضب حين صرتَ دمية في أيدي صبية المليشيات، يركلونك كما يشاؤون، رغم جهامتك الضخمة، وجمجمتك الكبيرة، و(زنقرتك) الغليظة.

لم تغضب..
ولم يخطر ببالك الغضب..
ولم يكن لديك قلب ليغضب..

أما الآن..
الآن فقط..
قد غضبت..
رأيناك غاضباً.. ورأينا وجهك لأول مرة يشبه إلى حد كبير وجوه الرجال.
لكن غضبك الآن هو حلقة أخرى تضيفها إلى سلسلة العار التي ستورثها مع الأموال المنهوبة لأبنائك وأحفادك.. وبئس الميراث!.
لكن غضبتك الآن هي أشبه بغضبة جبان بعد انتهاء المعركة، وبعد أن ضُرب من ضُرب وهرب من هرب!
لكن غضبتك الآن هي تماماً كتوبة فرعون حين أدركه الغرق.
ونحن نُجيبك بما أجاب الله به فرعون: “آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ”.
غضبتَ الآن فقط لأن ثمة من يريد أن يسحب الكرسي من تحت مؤخرتك القذرة.
غضبت لأنك تريد أن تبقى سنوات أخرى تقتات من دماء الليبيين، وتمشي على أشلائهم.

اغضب كما تشاء، فقد فات أوان الغضب.
اغضب حتى تنفقع مرارتك.. فلن يهتم أحد لغضبك..
فقط.. إرحل.. إرحل وانفقع بعيداً عنا.

ختاماً

أقول لك ما قاله ديوجانس الحكيم عندما سأله الإسكندر الأكبر: هل تريد شيئاً؟
أجابه ديوجانس: نعم.. ابتعد فأنت تحجب عني ضوء الشمس.

ارحل يا سراج فأنت لم تحجب الشمس وحدها، بل حجبت حتى الهواء النظيف عن أنوفنا!.


بقلم: عبدالرحمن جماعة

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.