قيلولة لا تشبه مطعم

[post-views]
91

بوابة ليبيا الاخباري

في حوار بيني وبينه لم يحدث في المطعم .. ذكر بأنه يفضل إضافة الزبدة الي كل أصناف الطعام .. تخيل أصناف الطعام الرخوة والناشفة والهلامية مع مختلف نكهاتها بالملح والسكر والبهار ألوانا وأشكالا أحمر وأصفر وأرجواني .. وباب المعدة الوحيد يبتلعها كلها على دفعات .. المطبخ الذي هو غرفة تقدمة القرابين .. الرغبة حد النشوة والشراهة المفرطة ودغدغة كل مراكز الإحساس في قشرة الدماغ المتصلة مباشرة مع الأعصاب والشرايين و النخاع .. تم إحتجازك بالملحمة القديمة العظيمة الأولي في تاريخ الوجود الأزلي المستبد .

مشهد الجبنة وهي تذوب علي مهل في رتابة كافية لتفرز كل أشكال أحماض المشهيات .. قطعا كبيرة قطعا صغيرة قطعا مفرومة جيدا وفرما وسطا وفرما ناعما ومبشور .. شرائحا دائرية شرائحا عريضة شرائحا طويلة .. نيئا مطهوا متبلا مملحا مجففا منقعا ومخللا .. هكذا بدأ الفصل الأول بالإفراط بمواضع الإحساس تعمل جنبا لجنب مع خلايا التذوق المتهورة على سطح اللسان .. أمام البلعوم تماما .. مكونات اللزوجة تتفكك الي أكثر من جزء في الجزء ملايين الخلايا تلتصق يمخضها سقف الفم مشرع الشفاه غير مبال بالكميات .. تتداخل تتكور تتكوم وتمتزج متلاشية في رطوبة اللعاب .. تنتشي الآنا والغواية التي هي بأولها.

من يعرف فنون الطبخ سيعرف كيف يجعل من القضمة براعم ولادة تتفتح في جوف المذاق دفعة واحدة في نفس الإتجاه .. الناحية الجمالية تظهر في الفروق الفردية بين بلعة كاملة وشبه .. واقع أنك متورط للنهاية ومنتصرا علي كل حال .. لاتوجد عيوب في النظام وكل المزايا تصب في خدمتك وحدك .. لا مجال للخسارات ولا للعودة للخلف.

أكبر الإنتصارات إطلاقا هو تمهيدك لوجبة ثانية .. كيف أصوغ الأمر بطريقة أسهل .. أنت جشع وبدين ونهم وطماع ولا تشبع وجها لوجه مع إعادة ترتيب فوضاك الي فوضي أكبر .. فوضي أكبر وأوسع وأشمل وأكثر .. تنضج بالإدراك المطلق لاتريد الإنتظار .. تنتحر في قانون العبودية حتي الرمق الأخير .. ترقص في سماء الرب كما يوم العيد .. تكدس الفضلات تشتهي اللحوم الحمراء والبيض والخبز والعصير ورحيق الفواكه وعصارة المكونات.

ترتشف أكتافا مسلوقة خصرا أذبلت صلابته أعجوبة البخار الذي يأكل العظم متبخترا في رغوة الدهن والعصارة المتباهية بالبقاء .. أجنحة مشوية وفخذ قيد التحمير وكل ما يلعق الثوم يقلي في لهيب جحيم .. كل جزء على حدة .. متي تم تجهيزك بهذا التوحش الذي يعجز عن وصفه الكلام .. رأسك اوديسيوس وجسدك هرقل ووجهك ميدوسا ولسانك قديم لم يترجم إلى لغات العصر .. مترف في خلوة ببساتين الفراديس .. المبشر بها والغير مبشر .. تنتظر انتهاء الوليمة .. لتبدأ أخري ….تحت مكعب زبدة ……………

صاحب الفكرة أخذ قيلولة ولن يتأخر .


بقلم:مروة هابيل

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.