برقة المهمشة !!
هذا لا يعني أن الغرب أكثر تهميشا، فالمسألة تحتاج مفردات إحصائية دقيقة على نحو:
كم فصل دراسي لكم ألف ساكن؟ وكم سرير استشفائي لكم ألف ساكن؟ وكم موظف عمومي لكم ألف ساكن؟ وعلى هذا النحو. وهل هناك جدول مرتبات في المنطقة الغربية، وجدول أخر في الشرقية، وثالث في الجنوبية؟ وهل أسعار المحروقات تختلف بين منطقة ومنطقة، وحجم الدعم السلعي يختلف بين شرق وغرب، أو بين شمال وجنوب؟.
ثم إذا استعرضنا بالورقة والقلم من يتولى السلطات المختلفة، وخلال أزمنة مختلفة، سوف نكتشف أن المعدلات مقلوبة تماما.
صرمان مدينة في الغرب الليبي يلامس عدد سكانها المائة ألف، كان رئيس البرلمان في عهد ديسمبر منها، وكان عضو مجلس قيادة الثورة في عهد سبتمبر منها،والنائب الأول لرئيس البرلمان اليوم منها،وكان منها وزراء، وكبار موظفين، وقيادات عسكرية وشرطية فهل تدرون بأنه إلى الآن لا يوجد بها شبكة مجاري، ومخطط الجيل الثاني الذي أعدته شركة بول سيرفر عام 1980 ما زال على الورق، ولعل الأكثر مرارة أن المدينة التي بنيت في عهد بالبو مازالت أفضل، وأجمل ومع ذلك هدمت؟
لا أحد يقول صرمان المهمشة،ولكن يمكن للجميع أن يقول أنه ضعف إدارة محلية،ومحيط مجتمعي مقاوم للتنمية، حتى أنك لا تستطيع أن تجد مكانا لكابينة كهرباء لمعالجة مشكلة تذبذب التيار.
صحيح هناك اختلاف على مستوي الخدمات ،وحجم الإعمار بين مدينة ومدينة، وبين منطقة ومنطقة، ولكن ذلك يعود لكفاءة السلطة المحلية، والقابلية الاجتماعية للتغيير، وليس على خلفية الجغرافيا.
لهذا ما ينقصنا حقيقة هو تحسين النوايا ،فكل طوبة تبنى في العوينات، أو تراغن،أو صبراته هي أصل من الأصول الليبية،وكل ارتقاء بمستوى الأداء في أي منطقة يصب في صالح النجاح الليبي، فقرابة 40ألف كيلو متر أطوال كابلات الكهرباء هي أصول لكل الليبيين، ونحو 30 ألف كيلو متر من الطرق هي أيضا أصول لكل الليبيين.
ولهذا أيضا نحتاج إلى سلم أولويات لتطوير المناطق الأقل تطورا،وتنمية المدن الأقل نموا،وخاصة في الجنوب الليبي، بعيدا عن تملق العواطف الجهوية، وبعيد عن الرجس السياسي،وبمنطق الليبي لليبي أفضل استثمار،ونفط ليبيا لرفاه الليبيين وليس للتحكم في رقابهم.
ولابد من تعزيز قيم المواطنة إذا أردنا أن نتصالح مع العصر،ونخرج من قفص التخلف المكلف جدا.
بقلم:عبدالرازق الداهش
كاتب ليبي