رسالة قادة حراك مصراتة الى مفتي ليبيا الصادق الغرياني

[post-views]
50

بوابة ليبيا الاخباري

رسالة حراك 17 فبراير للإصلاح ومقاومة الفساد ودعم سيادة القانون إلى فضيلة الشيخ الدكتور الصادق بن عبد الرحمن الغرياني مفتي الديار الليبية حفظه الله:

بناء على رسالتكم المسجلة بالصوت والصورة إلى مدينة مصراتة في حديثه يوم الاربعاء،الموافق 03-01-2024 نقول لك يا فضيلة المفتي: انّ مدينة مصراتة بأطيافها الواسعة وبمختلف شرائحها،لا يوجد بين  أهلها إجماع على أ مر كإجماعهم على محاربة مشروع حفتر الاستبدادي التوريثي وأدواته في الغرب الليبي ، وإنّ هناك لبس وتلبيس كبيرين بين توجهات الناس في هذه المدينة، ورفضهم لتجاوزات بعض الأجهزة الأمنية، والمطالبة بلجمها وبسط سيادة القانون والمحافظة على حريات الناس، وعدم ترك الأمور  لأشخاص متنفذين، وهم قلة قليلة للتحكم في مقدرات البلد والتضييق على حريات الناس،فلم يتركوا الفرصة في إدارة الأمور لمن يواليهم، كي يسهل لهم تحقيق  أغراضهم من تعيين من يريدون وتسهيل ما يريدون، الأمر الذي يتناقض جملة وتفصيلا مع أهداف ثورة السابع عشر من فبراير، والتي من  أهمها تحقيق العدالة والحرية وبناء المؤسسات على  أساس يؤدي إلى رفاهية المجتمع واحترام سلطة القانون بأدوات و أجهزة تمارس عملها طبقا لقواعد الاختصاص وبمعايير الكفاءة والمهنية، بما يحافظ على ثروات البلد ومنع نهبها وتهريبها عن طريق التدخل السافر من بعض الأجهزة المشرعنة الدخيلة على هذه الأجهزة.

ويجب الأخذ بعين الاعتبار أن الواقع في مدن الغرب الليبي عموما،قد ابتعد عن بناء مؤسسات راسخة، تحقق ا لأهداف النبيلة لثورة 17 فبراير، حتى أصبحت الأمور تُدار عن طريق مليشيات مشرعنة، أصبح ولاؤها لقادتها، قبل  أن يكون لبناء دولة المؤسسات، وفي هذا الصدد لا نعمم من باب الإنصاف،لأن كثيرا من منتسبي هذه المليشيات  أناس وطنيون يشاركوننا ذات المخاوف ونفس القلق، وبدل  أن تتجه الحكومة الى تقوية  أجهزة الأمن الشرطية وتقوية مؤسسات الجيش المتمثلة في رئاسة الأركان وضم المجندين الى هذه المؤسسة على أسس ونظم وتراتبية تتماشى مع القانون العسكري،ركنت إلى شرعنة مليشيات أصبحت عيوبها وجرائمها ظاهرة للعيان ومثار سخط المواطنين.

ومن منطلق  أننا حراك ينادي بالاصلاح ومقاومة الفساد ودعم سيادة القانون، ويشاركنا في ذلك طيف واسع، سواء في مدينتنا  أو المنطقة الغربية عموما،لم نرفع شعارا ولم نطالب يوما بمحاربة  أي هذه المليشيات  أو تقويضها، فمن ينتسب إليها هم من  أبنائنا، وكثير منهم كان له دور في محاربة الدواعش وفي رد عدوان حفتر على الغرب الليبيي،وإنما تتمثل مطالبنا في تقويم الاعوجاج والنظر في الاختصاص، وإلزام الجميع بالعمل طبق مقتضيات القانون، وإخضاع هذه المؤسسات لنظام التراتبية، ومساعدة الاجهزة النظامية الاصيلة، وهي المؤسسة الشرطية والعسكرية، والسلطة القضائية وتنفيد أوامرها،دون  أن تحل محلها.والبون شاسع يا فضيلة المفتي بين مطالب  أهل مدينتنا الصامدة الصابرة في الاصلح ومقاومة الفساد، وبين ما جاء في رسالتكم الى المدينة من  أن القوة المشتركة لو تمّ القضاء عليها، فتُحت الأبواب لحفتر، فدون فتح  أبواب المدينة لحفتر رجال يعدّون بعشرات الآلف ألوا على  أنفسهم  أن لا يخضعوا يوما لمستبد، حفتر  أو سواه، ونحب  أن نطمئنكم على ذلك، و مصراتة كما تعلمون غنية عن التعريف حول هذه القضايا وثوابتها، أما  أن تختزل مدينة بحجم مصراتة في نماذج مثلتم بها في حديثكم، هذا  والله  أمر بعيد عن واقعنا ولا نقبله ونرفضه جملة وتفصيلا.

خلاصة القول:

انّ ما يجري في مدينتنا في أغلبه – حتى نكون منصفين – إنما هو وقفة ضد الظلم والاعتداء على الحريات، وعدم الرضى بأشخاص  أصبحوا متنفذين سيطروا على بعض المرافق الحساسة، و أصبحوا سلطة خارج القانون، يهربون الذهب والعملة الصعبة للخارج ويدوسون على الحريات، بل لا يستجيبون حتى للأوامر القضائية التي تصدر بحقهم، ولا شك أنكم اطلعتم مؤخرا على ما وقع في مطار مصراتة وميناء المنطقة الحرة، علاوة على عشرات الشكاوى المقدمة للنيابة العامة بتواريخ مختلفة، ولم نستطع حتى الآن عمل أ ي شيء حيالها، نظرا  لأن مرتكبي هذه الجرائم قد تمترسوا وراء القوة التي يملكونها،ولا شك يا فضيلة المفتي  أن مسؤولية ذلك تقع على الجهات التي مكنت هؤلاء بقرارات أعطتهم صلاحيات أصبحت تشكل تداخل بالاختصاص،وهيمنة على المؤسسات الرسمية المشرع لها بقوانين،وأن هذه القرارات قد صدرت سواء من هذه الحكومة  أو الحكومات السابقة، فانتقاد الحكومة والضغط عليها يما يعيدها إلى جادة الصواب لا يعني الانحياز لحفتر ومشروعه الاستبدادي،فهذه الثنائية المقيتة بين حكومة ينخر الفساد مفاصلها، أو  أن نُحسب على تيار حفتر، فهذا والله  أمر عجيب، ألا يوجد تيار ثالث تكون فيه الغلبة للصف الوطني الذي هدفه بناء دولة ومؤسسات راسخة،تكون الحدود فيها واضحة بين مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، وتحكمها قواعد الاختصاص، وإن كان هذا ليس متاحا الآن،أليس من حقنا على الأقل المطالبة بالحد الأدنى من الفساد ومحاسبة من يخرج عن جادة الصواب؟ والضغط على هذه الجهات بما يعيدها الى احترام المواطن وحريته،و أن لا يتم المساس به إلا طبقا للقانون.

وننوه يا فضيلة المفتي أن مطالبنا تتماشى وتتناغم تماماً مع ما جاء في حديثكم بخصوص موضوع تعاقد مؤسسة النفط مع ائتلاف شركات،وتوجيهكم أن هذا يضر بمصلحة الوطن،وأنتم تعلمون أن الحكومة هي من تدفع في هذا الاتجاه وهذه المخالفات والتجاوزات  أمر لا يمكن السكوت عليه.

وفي الختام:

نتمنى على فضيلتكم كمواطن ليبي وبصفتكم الاعتبارية كمفتي للديار الليبية استقاء المعلومات بشكل وافي عن ما يجري في مدينتنا من مصادر موثوقة والاستماع الى جميع الأطراف وتقيمّ الأمر بعين الحياد،لا أن تصدرون فتاويكم وتوجيهاتكم ومواقفكم بناء معلومات مضللة لا تتفق مع واقع الحال، فهذا ظلم واجحاف كبير بحقنا وقد نتج عنه ردة فعل اتجاهكم واتجاه دار الإفتاء واعتبروها موالية وداعمة للظالمين الفاسدين وصوتاً لهم وهذا ما لا نتمناه.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يهديكم ويهدينا الى سواء السبيل والى خدمة الوطن والمواطن والى نصرة المظلومين والمستضعفين وأن يمن علينا وعليكم بالصحة والعافية والإخلاص في أعمالنا.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.