الرسالة الثالثة…إلى الصديق “هشام بن غلبون”

[post-views]
111

بوابة ليبيا الاخباري 

عزيزي هشام بن غلبون… تحيّات طيّبات، زاكيات مفعمات بالمودة والإحترام.

حكاياتنا لا تنتهي أبداً، كل ساعة كل يوم.. حكاية، وحكاية عجيبة غارقة، في الدموع، والأحزان، غير أن الناس صمدت وتعايشت مع هذا الواقع ومصائبه ولم يعودوا يأبهون له رغم جراحاته وأوجاعه،سأحاول نقل صورة من هذا المشهد الدرامي،وما يحدث عندنا وأنقله إليك كما هو.. أول أمس أغلقت المدارس أبوابها نتيجة المعارك الشرسة في معظم المحاور الملتهبة بالمدينة الصابرة المصابرة، فالصّبْية فرحين بإغلاق مدارسهم هكذا حدثني بعض أطفال منطقتنا حين مازحتهم صباح أمس، شاهدت في عيونهم الفرحة، والبهجة العارمة ولهم عذرهم في ذلك، ففرحهم طبيعي، في ظل مدارس وجامعات ومعاهد ومؤسسات ومصالح حكومية في عطلة رسمية غير معلنة منذ قيام الثورة عام 2011 م،!! فماذا بعد ذلك؟.

نحن الآن في هجيع الليل وفي هذه اللحظات اشتعلت سماء المدينة وأرضها بالقذائف والرصاص وصواريخ الجراد فأولادنا،وأولاد البغدادي البغيض مجهول النسب والهوية الذي(بَغْدَدْنا، وَبَغْدَدْنَاه) يمْطروننا بالرصاص والقنابل والرعب في محاور عمرو ابن العاص، وحي السكابلي ووسط وبقية أطراف المدينة ويتبع هذا الجحيم المرعب زعيق مزامير سيارات الإسعاف الذي يَمْلأ أذان الناس “هرجه” وخوفا، فالضحايا والجرحى والخسائر المادية الكبيرة في ازدياد مستمر، فهل تعلم يا صاحبي أن كميّة المقذوفات الجهنمية، من رصاص، وآرْ بى جي، وهاوزر، وصواريخ، وبقية المسميات المتفجرة القاتلة الأخرى التي تتساقط هذه اللحظات على المدينة وعلى خلق الله كفيلة بإعادة الأندلس وبيت المقدس!!؟

عزيزي هشام:

صَاحِبك مُعلق الآن بالدور الخامس في تلك العمارة الهالكة التي تنبعث منها روائح الرطوبة النتنة،فالتيار الكهربائي انقطع منذ ثلاثة ساعات على جميع أحياء المدينة، وزيادة على هذا البؤس،فان مواسير مياه عمارتنا البائدة انفجرت منذ أسبوع ورغم هذا العذاب والشقاء فإن صديقك تغمره السعادة،رغم حرماننا سبعة أيام متواصلة من المياه التي منها كل شيء حي ؟..حين توقفت المضخة اللعينة صمتت وتوقفت معها “طرطرة الماتور” المزعجة وأصبحنا سكان تلك العمارة، كأننا نعيش في جوف صحراء الربع الخالي،فيا صاحبي سكان العمارة العالقين هنا لا ماء عندهم، ولا كهرباء، ولا (سَنْسيْر) ولا أمان، ولا خبز ؟..  تشير الآن عقارب ساعتنا المعلقة على أحد على الجدران إلى الثانية والنصف صباحا.

الآن تباشير يوم جديد…

 السبت 26 فبراير 2016م

صاحبك يا صاحبي لا يزال “صَاحِي” حتى هذه الساعة المتأخرة، يُدَوّن  أشجانه، و(سهاريه) الموجعة على ضوء شمعة رديئة مُزعجة مستوردة من “أم الدنيا”، فشموعنا ياسيدي حين تشرع في إيقادها يذوب نصفها ويسيل شمعها الملتهب ويحرق يديك قبل أن تقف على ساقها الأعوج؟، وحين تتحايل عليها بجميع السبل،محاولا إيقافها تأبى الوقوف وينطفيء شهابها عدة مرات دون أن تهبها ريح أو تتعرض لِنسمة هواء، أتْعَبني وأرهقني ذلك كثيراً وزاد توتري في ليلة ظلماء افتقدنا فيها النجوم والبدر والآمان، فكل شموعنا وقناديلنا نستوردها من دول مُظلمة ظالمة، ولذلك فلا عجب أن يخبو نورها وينطفئ شهابها..، وتتواصل عتمة لَيْلنا  الطويل الموحش المتوحش،وَيَلفنا الخوف،والظلام الدامس!!..فمتى يا صاحبي،(يفطن سكان) هذا الوطن للبضائع المغشوشة الرديئة منتهية الصلاحية؟، فقد أرهقتنا وأثبتت التجارب عبرالسنين الفائتة، أن ” البضائع ” السياسية المستوردة رديئة مؤلمة للغاية وسيظل وطننا يعاني من أثارها سنوات طوال فقد بدّدت دمائنا ونهبت ثرواتنا وخطفت ربيع وخريف أعمارنا ولك في انقلاب سبتمبر،والأحزاب السياسية المستوردة خير برهان.

لقد دفعنا ثمناً باهظاً خلال نصف قرن مضى خاصة سنواتنا الدموية العجاف الآخيرة فماذا بعد ذلك؟..وتشتعل نيران الحقد الأعمى بين”الإخوة الأعداء” في هذه الساعة المتأخرة بجميع أنواع الأسلحة الفتاكة، بالقرب من معهد ديلاسالي والعمارات الخمسة،وتحديدا باحدى البنايات المقابلة حيث يتعرض المبنى لقصف عنيف،ورغم الظلام الحالك،فالنيران المنبعثة من المبنى أضاءت مساحة كبيرة، وسحب الدخان الكثيفة نشاهدها بوضوح،وحين توقف دوي القنابل والصواريخ قليلاً نستمع الآن،لأصوات وشتائم، وصراخ،وهتافات غريبة،يقول بعضها:الله مولانا ولا مولى لكم،.. استتيبوا يا مُرتدين !! وتتواصل الشتائم.. يا عبيد الطاغوت حفتر..، جئناكم بالقصاص يا عبدة الأصنام يا أعداء الله!!؟،ويصحب هذه النداءات،بعض الكلمات القبيحة التي لا ينطقها لِسان داعية يدعو لدين الله يسعى لتطبيق شرعه!!،ويرد الطرف الآخر هاتِفا.. اطلعوا يا خوارج..يا عبيد البغدادي والإخوان،يا خُوّان المسلمين.. (يا قَطّاعَتْ رُوْصْ المسلمين)،.. يا كلاب النار،وتتواصل الشتائم بعبارات فجة أخرى،لا يُوقفها إلا دَوِي القنابل والمتفجرات..، ويبقى صاحبك يا صاحبي مُعلقا، بالدور الخامس، محاصرا، بالظلام و القذائف،والصواريخ والشمعة الملعونة ” العرجاء”، والشتائم الموغلة في القبح.

ألم أقل لك ذات مرة إن المسافة بيننا وبين ساحات القتال والموت والرعب والشتائم لا تتجاوز مئتي متر فقط،فهذا قدرنا وقدر وطننا العظيم يا هشام الخير،ومع كل هذا الجنون سنبقى مع أهلنا، نعيش معهم نجوع ونعطش معهم ونقف الساعات الطوال في طوابير خبزهم المغمس بالعذابات والآهات والإهانة والرعب،نعم  نقف معهم في طوابير الغاز والبنزين فهذه بلادنا وبلاد آبائنا وأجدادنا ولا توجد بلاد أخرى لنا وأهل هذه البلاد هم أهلنا و”عزوتنا”، فعذاباتهم تعذبنا ودموعهم تبكينا لن نهرب منهم كما هرب الكثير من أصدقائنا ورفاقنا وأصحابنا، أصحاب (القراويط) الحريرية أولئك المناضلين الضالين المضلين الذين (حَشّمُونا) مع الوطن وأهله و (لَـيّـخُوا)،بالمراتب والرواتب زمن العُسرة ووقت الحاجة بعد أن ساهموا وشاركوا مشاركة فعالة مخجلة في أزماته وتصدع جدرانه نتيجة أطماعهم الشخصية والحزبية فأنا يا صاحبي العزيز (لا أحمل بندقية ولم أحلم بمجدها) في يوم من الأيام لكنني على قناعة تامة بأن البقاء والصمود والفناء مع أهلنا حياء وحياة.

 اليوم 28 فبراير 2016م.

هاجمتنا بقوة وشراسة ودون سابق انذار رياح القبلي الهمجية المحملة بالغبار والأتربة والرمال فحجبت الرؤيا وخنقت الناس وتطايرت بفعلها (شكاير الكنايس وبَنْقَات) المياه البلاستيكية الفارغة،والكثيرمن النفايات خفيفة الوزن،صارت “تَفِر” في السماء حتى يخيّل إلى المرء أنها مخلوقات جديدة تطير في سماء المدينة لم تراها الأعين قبل يوم عَجَاجنا هذا،لم يمنع العجاج الكثيف الخانق المزعج آلاف البشر الذين تكدسوا في الشوارع المغلقة بالسواتر الترابية والمركبات والحاويات المحترقة والروائح العفنة فالآلاف منهم تراهم مُترجلين وداخل مَرْكباتهم وقد غَصّت بهم الطرقات كأنهم في زحمة أيام رجم رمزالشيطان الرجيم، فخلق الله هنا فرحين بعودتهم لمنازلهم ومناطقهم بعد تجربة نزوح وتشرد ومحنة قاسية حاصرتهم في بلادهم ومن أولادهم !، فيا صاحبي لا أبالغ حين أقول إن الآلاف امتلأت بهم الطرقات والشوارع المتهدمة..، واختلطت في هذا اليوم مشاعر الناس بالحزن وبالفرح رغم الهلاك الهائل الذي لحق بالأنفس والمباني والطرقات..تناسى الناس المآسي،رغم جراحاتهم ومصائبهم فالإنسان الليبي العظيم يحب بفطرته الحياة والعمار مثل جميع خلق الله وهذا من صنع الله الذي اتقن صُنْع كل شيء خَلَقَه، فماذا بعد ذلك؟.

• اليوم 1 مارس 2016م.

“طَاحَتْ الريح، ومعها طَاحَنْ إنْجُوْم الليل..”، وطَاح عَجَاج القبلي اللعين، لكن ( ثغَابِـيْـرَ، وعجاج) معركة أخرى حامية الوطيس  يدور رَحاها هذه الساعات،في “المناور،والبلاكين”وداخل الغرف والصالونات،وفوق الأسطح وفى كل”تراكين” البيوت، وتقود هذه المعارك باقتدار وهمة وشجاعة سيدات وبنات بنغازي الكريمات فى أول أيام فصل الربيع وتشارك في هذه المعارك جميع أنواع أسلحة النظافة الشاملة التي تبيحها الأمم المتحدة ورئيسها البليد ثقيل الروح والدم، (بانكى مون)، فسيداتنا وبناتنا صباح هذا اليوم تسَلّحْن، (بالمكانس والخيش، والسيّاقات، وقلالين البوطاس المغشوش، والديتول رديء الجودة)! كل هذه الأسلحة الفتّاكة تشارك فى المعركة من اجل إزالة أثارعدوان رياح القبلي الهمجيّة التي باغثت  بيوتهن العامرة.

عزيزي هشام:

بعيداً عن عواصف رياح القبلي،والبوطاس ردىء الجودة، والبووومب، وقطع الرؤوس، والشتائم المتبادلة، وانقطاع (الضي) والمياه، والبنزين والدقيق، والخبز، والنقص في الأموال والثمرات وبقية (الكواين) الأخرى التي فُرضت علينا من (ضَنَانَا) وساسة (النّم والهايك)،سَأُحَلّق هناك يا سيدي وما أدراك ما هناك؟،هناك في لندن الآمنة العادلة الجميلة الرائعة بأهلها وقوانينها وحدائقها  وميادينها وأسواقها العامرة وأنفاقها وقطاراتها البديعة المنظمة وَبَاصَاتها المريحة منضبطة التوقيت ومستشفياتها ونظامها الصحي حيث العناية الطبية الشّاملة للإنسان منذ أن يزرعه أبيه في أحشاء أمه إلى يوم مغادرته جَنّته الدنيوية..،ومن هناك من لندن البديعة، أروي لك حكاية حدثت معى قبل قيام ثورة 17فبراير،بعام ونصف تقريبا.

ذات يوم اتصل بي السيد جمعة القمّاطي وأخبرني بوصول الصديق “علي بوزعكوك” إلى لندن قادماً من أمريكا، فسألته عن رقم هاتفه ومكان اقامته فأعطاني رقمه في لندن ثم قال (ما تقُوْلْشْ من عَطَاكْ الرقم)!!؟ ثم أضاف قائلا (الآن صاحبك بوزعكوك (يضرب فى البازين) مع موسى كوسا وعاشور الشامس،فى  بيت نعمان بن عثمان، بمنطقة هَارُوْ القريبة من بيتك فى شمال لندن، وأضاف لقد تم الاتفاق بين كوسا وعاشور ونعمان على ذهاب الأستاذ بوزعكوك إلى طرابلس،لاستكمال بقية المفاوضات والحوار مع أصحاب مشروع “شركة ليبيا الغد”).

اتصلت عصراً برقم التلفون الذي أعطاني اياه السيد جمعة, للسلام على الصديق “بوزعكوك” والتأكد من صحة المعلومات التي أخبرني بها (صاحبهم، وصاحبي) القمّاطي،غير أننى لم أجد الصديق بوزعكوك، فأعطيت السيدة التي استقبلت مكالمتي اسمي ورقم هاتفي، وطلبت منها شاكراً أن تنقل توصيتي، للأستاذ بوزعكوك حين وصوله، بعد فترة وجيزة رنّ جرس تلفوني الأرضي، وبعد تحية جافة سألني المتحدث عن اسمي، ومن الذى اتصل بهذا الرقم (بَدْرِي)؟ أجبته أنا (فلان) فورا قال أنا لا اعرف هذا الاسم، ولم اسمع به من قبل !! أثناء الحديث عرفت صوت محدثي، قلت له مراحب يا حاج عاشور، فكرر وصمم على عدم معرفته لي، ظننت في البداية انه يمزح، ونوع من (الصماطة) التي يمارسها بعض الناس فيى مكالماتهم الهاتفية، غير ان (صماطة) الحاج عاشور الشامس لم تتوقف وزادت فأيقنت انها (صماطة) وَبَلَادة وقلة ذوق متعمدة، فطلبته أن يعطيني الأستاذ بوزعكوك، وقلت له يا حاج حين طلبت هذا الرقم لم أكن أعرف أنه يخصك ومعذرة على إزعاج (معالي سيادتك) فكرر مرة أخرى قلة الذوق، وقلة (…)، ثم أردف قائلا أنا لا أعرف هذا الاسم، وسأغلق سماعة الهاتف في وجهك إذا لم تغلق أنت!!.

طلبت منه قبل أن يغلق السماعة أن يستمع إلي قليلا وبعدها يغلق ما يشاء ومن خلال سماعة الهاتف قلت له نحن يا شامس نعرف بعضنا منذ لقائنا الأول الذى تم في القرن الماضي بمعرفة الصديق امْحمّد عبدالرحمن المفتي في محطة أنفاق وقطارات وَاتَرْلَوْ عام 1977م وشاركنا مع إخواننا في كثير من التظاهرات والمناشط السياسة منذ زمن بعيد إلى أن تصالحت، و(تَصَاحَبْتَ) مع النظام، وكُنّـا معا، ومعنا القليل من المعارضين أمام السفارة الليبية حين أطلق علينا الرصاص من قبل المخابرات الليبية التي يرأسها صاحبك كوسا يوم مقتل الشرطية البريطانية سيئة الحظ،غير ذلك أقمنا  في بيت واحد في انجامينا عاصمة تشاد وكان معنا الدكتور يونس فنوش، والصديق محمد عيّاد،الملقب بـ (جماهيرية) وكذلك السادات البدري، والدكتور يوسف بولحباس، والحاج احمد لنقي والحاج ابراهيم صهد، والمرحوم جاب الله مطر،والعقيد عبدالسلام عزالدين،وعبدالمجيد البيوك،وصالح بن حميد، ومفتاح الطيار،وسالم قنان، وزكريا صهد، وسالم الحاسي،وكمال الشامي،وغيرهم من الاصدقاء.

وأضفت، هل نسيت يا عاشور ترددك المتواصل على مقر عملي مع السيد محمود الناكوع وغيره، فكيف لا تعرفني الآن، ولم تسمع بي؟ وأضفت :لا يحزنني عدم معرفتك لي، ما يثير حزني، وغضبي هو “تخنيسك” وتصالحك في السِّر مع النظام دون أن تخبر وتعْلم رفاقك، “بالتخنيس الحلال” وتأكد يا عاشور لو أن الله أعطانا عُمر سيدنا نوح عليه السلام،ما عرفتك ولا رأيتك ولا سعيت لِمعرفتك ولقائك،فكل اللعنات على ظلم العقيد الذى جمع بيننا وعَرّفنا (بأشكالك) وبقية المتاجرين بقضايا الوطن وقلت له كلاما آخر لا يليق أن يطلع عليه  إلا عاشور الشامس والثعالب الماكرة فقط.

وأضفت قائلا من الرجولة والسياسة أن تذهب أنت “بِطُوْبَتِك” إلى طرابلس بدلاً من ” دَفْ المراكب، لِمَذْهُوْبْ الشِّيرَهْ، والدّبَايرْ” خُوْنا بوزعكوك، ثم ذكّرته بقائد عصابة باندة عاكف الشهيرة قفل عاشور خط الهاتف بعد أن سمع عبارة باندة عاكف امسيك، خلال نصف ساعة تقريبا اتصل بي الحاج علي بوزعكوك معاتباً وحزينا على صاحبه، وأخبرنى بأن عاشور مريض وضغطه ارتفع، ولا يستحمل الانفعالات!! قلت له (انتبه يا اعليوه جيداً لرزالات وخبث، وفِخَاخ، ومكر الثعالب)، ولا بأس عليه وعليك.

تشعبط الجمع وخانوا عهودهم.

أمثالنا الشعبية و”ملافظنا” الجميلة يجد  المرء فيها الدقة وجمال الكلمة والتعبير، وهنا تسعف فمي، ومداد كلماتي تلك الملافظ حين تتطرق لِحالة الحاج عاشور الشامس وأمثاله حيث تقول ملافظنا:

(طَبْ زَنْ.. قعد اخواني..طَب زن..سَيّبْ الاخوان.. طَبْ زَنْ قعد رئيس اللجنة التنفيذية للجبهة الوطنية..طَبْ زَنْ ” تفانك “مع المقريف.. طَبْ زَنْ طار من جبهة “عَيْتْ” المقريف..طَبْ زَنْ قعد صاحب كوسا..طَبْ زَنَ.. (قعد راصين فى شَاشِيّة أوْ في شِيْشَه) مع سيف.. طبْ زَنْ.. رَخَا سيف..طب زن صار مستشارا في ديوان وزارة الكيب بعد الثورة.. طب زن..عاد الى لندن.

أما جمعة القمّاطى.. طب زن.. أنشأ حزب على مقاس طوله..، وطب زن أصبح أحد المستشارين الكبار في منتجع الصخيرات حيث تفتت صخرة الوطن هناك..طب زن سكن فى استوديوهات الفضائيات، طب زن (كثر على ما وصوه) في شتم بنغازي وعموم برقة ولجهله المطلق وعدم فهمه درس المطالعة الذي تعلمناه نحن أبناء جيله، فقد تناسى جمعة القمّاطي ولم يستوعب ما تعلمناه في مدارس المملكة الليبية ذلك الدرس الذي أخبرنا عن الذبابة القذرة حين تحط فوق قرن الثور،وطب زن.. رجع الى لندن، وطب زن..لا يزال يبث سمومه وعقده من هناك.

أما الأستاذ علي بوزعكوك طَبْ زَنْ صار نائب عن بنغازى..طَبْ زنْ (سَيّبْ) برلمان طبرق..طَبْ زَنْ ليَّخ للمؤتمر الوطنى في طرابلس.. طَبْ زَن صار وزيراً لخارجية نصف الوطن..وطب زنْ، بعد تَوْزِيره طلب من الشِيْشلْيَان وحلفائهم دخول ليبيا.

عزيزي هشام:

كادت (الـزَنْ.. طبْ) التي ركبها الشامس ورهطه وبرطعوا بها وعليها طيلة أربعة عقود من الزمان بجحودههم ونكرانهم ومصالحهم، وتصالحهم أن تنسيني الحاج كوسا (أجلّكُم الله) رغم وجود ملايين الحجاج في هذا الوطن المسلم إلا انّ الحاج موسى انفرد وتميّز بهذا اللقب وحده في أوساط الدولة السابقة وخيمتها المزركشة ومثاباتها وساحاتها الثورية الخضراء فحين تسمع لقب الحاج في الجماهيرية الأولى أعلم يقيناً أن المقصود بهذا اللقب هو موسى كوسا دون غيره من ملايين حجاج الوطن وبقية حجاج الشعوب الإسلامية.

المتعارف عليه منذ الأزل أن الوثائق التاريخية والمعاهدات تكتب أحيانا بماء الذهب وفي الغالب تكتب بالمداد الأسود غير أنّ (الحاج الوحيد) مَهَرَ ذات يوم وثيقة مبايعة ومعاهدة (لصقره الوحيد) بالدم الأحمر القاني،فقد سَنّ (الحاج) بدعة جديدة لم يسبقه اليها أحد من القوادين الأنذال عبر العصور المظلمة،ومنذ ذلك العهد، وتلك المبايعة والحاج يتشعبط ويتسلق ويكتب التقارير القاتلة ويدوس على رقاب العالمين حتى صار كبير(البصاصين)،في الخيمة الخضراء وأصبح (يضرب يعور) في دولة قامت على البهتان والجنون والقهر والتجسس وعَد أنفاس رعيتها،استغل الحاج الذكاء الفطري الذي وهبه الله له وسَخّر كل قدراته العقلية للتجسس وشم أفواه الناس وترويعهم خدمة وطاعة وقوادة لسيده الديكتاتور الماجن المجنون.

الحاج موسى لم يكن شخصية مثيرة للجدل، كما يصفه بعض الناس، “فالحاج” عبر تاريخه المشين كان مثيرا للقرف والاشمئزاز والتأفف والآهات, ذات يوم من أيام عام 1980م، طالت التصفيات الجسدية، بيد الغدر، والخسة العديد من أبناء ليبيا المقيمين،في لندن وغيرها من مدن وعواصم العالم، يومها كان (الحاج) رئيسا للمكتب الشعبي (السفارة الليبية) في لندن حيث تم بعيونه وارشاداته اغتيال المرحوم “محمد مصطفى رمضان” الصحفي والمذيع المُميّز في هيئة الإذاعة البريطانية أمام المسجد الرئيسي في ريجنت بارك بعد صلاة الجمعة حين كان المغدور يوزع على أصدقائه صحيفة العرب اللندنية التي كان يترأسها الأستاذ الصحفي والإعلامي الكبير المرحوم “رشاد الهوني”، وبعد أسبوع واحد فقط من قتل محمد مصطفى رمضان، تم اغتيال المحاميى الشهير المرحوم “محمود نافع” أمام مكتبه في انزمول جارديان،بمنطقة ساوث كينغستون،حينها خرج (الحاج) على النصارى والمسلمين والهندوس وبقية الملل والنِحل الأخرى مباركا ومؤيدا ومحرضا ومعترفا بقتل أبناء وطنه.

اعترف بغطرسة وكبرياء أجوف على رؤوس الأشهاد بإصداره أوامر قتل عباد الله في لندن وتوعد بأن هناك عدة أشخاص آخرين سيتم تصفيتهم ناعتا اياهم بالكلاب الضالة أعزّكم الله وأخزاه، وقد نشرت صحيفة التايمز البريطانية مقابلة معه يؤكد فيها مسؤوليته الشخصية (لا في عينه قمحه ولا شعيرة) كان ذلك التصريح الصريح عبر صحفية  التايمز البريطانية يوم الأحد الموافق 14 يونيه عام 1980م، ((والّلي امْكَذّب، وما زال يَقْنعْ في روحه بأن كوسا رجل دولة، وولد حلال “امْقَطّرْ”،وحاج بيت الله وتقيّا نقيّا،عليه أن يدخل إلى موقع صحيفة التايمز فالتاريخ والعدد مشاراً إليه)).

أصدرت الخارجية البريطانية قراراً بطرد (الحاج)..عاد الضّال المُضل الدبلوماسي الحاج القاتل الجاسوس الأخضر إلى سيّده وإلى جحره حيث العقارب والأفاعِي السامة وعلى أنغام وصراخ أهزوجة الرعب والموت التي تمايل معها القائد وشنفت آذانه الصماء (سير ولا تهتم يا قائد.. صفّيهم بالدم ياقائد )، استقبل ” الحاج”هناك استقبال الفاتحين الأبطال في الخيمة المزركشة، فارتفعت أسهمه وسطع نجمه فى أروقة الخيمة و(بورصت) القتلة والمأجورين وزاد غَيّه وغِلّـه وجبروته وأصبح منذ ذلك الوقت ((يضرب يَعْمِي، بعد أن كان يضرب يَعْور فقط)).

عزيزي هشام:

استطاع هذا الأجير القاتل الملعون المقزز اختراق  بيت العنكبوت الواهي في بعض التنظيمات المعارضة، وجند (البعض)، ومنذ ذلك الوقت وهم (دبل شفرة) على رأى شعبنا الذى منحهم هذا اللقب، سقط العديد من أصحاب (القراويط) الحريرية مناضلي (الهايك، فطَاحَـوا، واستراحوا فى كَـتْـر الحاج) وطاب لهم المقام فى حِجْره النجس، وحين قيام الثورة انقلبوا عليه، كما انقلب كوسا ذاته على سيده، فموسى الحاج، والدجاج، ولائاتهم للبطن ولم تكن لهم علاقة في يوم من الأيام بالوطن.انّ وثائق المبايعة، والعهد المسئول يكتبها أبناء وبنات هذا الوطن، وللوطن فى هذه الايام المجيدة بأنهار من دمائهم الزكية المتدفقة من شرايين قلوبهم على تراب، ورمال الوطن، فهذه الدماء وحدها لا غيرها هى التى تغسل العار، وتكتب وثائق ومعاهدات المجد، والتاريخ وترسم الجغرافيا وتنشد التربية الوطنية، أمّا وثيقة (الحاج، موسى) أثبتت الأيام وكشفت، في نهاية نفق سبتمبرالمظلم الظالم، أنها وثيقة عهر، ونذالة، (فروخ)، فكل حروفها وعباراتها كانت نجسة خبيثة كُتِبت، ومُهرت بدماء مَحيض البغايا الساقطات، أعزّكم الله ايها الكرام، والكريمات.

الحاج موسى “هُوْ ” موسى الحاج…

أول هبت ريح هزّت الخيمة، الفارهة، تطايرت معها أوتادها البالية المتشققة، فسقطت، تلك الخيمة الملعونة الظالمة المنصوبة، فوق الرمال المتحركة، في جوف الصحراء..لم يقاوم (الحاج) ولم يسْند سيّده، لم يدافع عن تلك الدولة التى كان احد أعمدة شرها، وقبحها، وفُجْرها، وطغيانها.. (لَـيّـخَ ) الجاسوس السافل (موسى الحاج ) الى أسياده هناك في المملكة المتحدة، بعد ان تخلى عن مُعلمه، ومرشده، ملك الملوك، غريب الأطوار، وفي رمشة عين هرب، (الحاج الأخضر) وسرق ملفات الدولة الليبية السريّة، وهناك استقبل فى مطار عسكري ببرود، كجاسوس رخيص افتضح امره وانتهت خدماته، وفى ذلك المطار العسكري تم عصر(الحاج) عَصْرا، مثل لَيْمُونة رامضة، بعدها اُلقي به، في مكبات (الزبالة، والأوساخ) عند (عَيْتْ خليفة )، بإمارة قطر، ثم رُحّل الى مملكة الأردن!!.

ميّـت تنهشه العقبان
يستجدي جنازة.. ميت فى قرية الاموات.. ماتوا من سنين.
حاملوا النعش.. ومتلوا الصلوات
والبلى والدود فى القبر.. وحفار القبور
ثم ماذا؟.

عزيزي هشام:

ما كان بودى ان أحدثك عن (الحجاج، والعجاج، والدجاج) لولا (سريب الْحجّاجْ )عاشور، وبوزعكوك، ونعمان، و”الحويج” جمعة القمّاطى، وأنباء غير مؤكدة أنبأتنا على استحياء وفاة كوسا، ففى زحمة تحرير مناطق عديدة من بنغازي، مرّ خبر وفاته إن صَحّ، كَ (ضَرْطَة حَلّابَة) لم يسمع به احد، ولم يعلق عليه احد، غير أني في هذا الضجيج تذكرت بمرارة وحزن دفين جارف  الطفلة الجميلة “حنان” تلك البريئة التى طالما لاعبتها كُلّما التقيتها فى نهاية الأسبوع، بلندن رفقة والدها محمد مصطفى رمضان، وصديقنا السوداني المذيع المعروف بهيئة الإذاعة البريطانية، أيوب الصديق، لقد حرم (سِي الهايك كوسا) الطفلة حنان مِنْ حَنان والدها، فتيتمت صغيرة، يوم غرق والدها الشهيد في دمائه، بأوامر، ونذالة وخسة ورصاص (الحاج) لم تكن حنان يومها تجاوزت 7 سنوات من عمرها القصير..، لم تقاوم الصغيرة حنان قسوة الفجيعة، والغربة واليتم والفقر، ونذالة الأنذال، نهش داء السرطان أحشائها فماتت مقهورة مظلومة، وقُبرت هنالك مع أبيها فى مقابر الغربة، حاملة معها احزانها، وشكواها الى الله، حيث العدل المُطْلق، يوم لا تنفع كوسا خيمة سيّده، ولا قصور، وأبراج سادته الجدد، في قطر، والأردن.

يومنا هذا،هو يوم السبت الموافق 19 مارس 2016م ذكرى يوم الرتل،ذلك الرتل الجرار الجهنمي،الذى ساهمت في ابادته (طيور الابابيل الكافرة)والذى تناساه الكثير من الناس، بعد أن سرقت الثورة،وامتطاها اللصوص وتجارالحروب وبيّاعة الأوطان، وأصحاب الجلابيب، و”القراويط” الحريرية الناعمة, كانت الأرتال تأتي عبر الطرق البرية، فتغيرت طرقاتها بعد الثورة، وأصبح  الموت والغدر يصلنا تباعا بالطرق البحرية،ويتزامن مع وصول هذه الجرافات ضغوطات متواصلة فما أن تصل أو تدنو جرافة من شواطئ المدينة، حتى ينقطع الدقيق والغاز والبنزين ويشحّ الخبز ويزداد طول الطوابير الفقيرة البائسة أمام المصارف، وتنفذ السيولة من جيوب المواطنين وخزائن البنوك ليتواصل مع قدومها الضغط والتهديد..،والوعيد..من جديد،..وتعيد..(حليمة..سيرتها القديمة) تمارس سياسة (رُوْمي،وإلا نكسر قرنك) كُنّا نحلم فى هذا اليوم،أن يبعث أهلنا جرافاتهم،وأساطيلهم البحرية محملة بالدقيق،والدواء والكتب المدرسيّة وزبادي ومنتجات مصنع النسيم وأطنانا من الحديد والاسمنت لنبدأ معا على بركة الله مسيرة التشيّد والبناء،وأعمار المدينة التي هُشّمت وهُمّشت قرابة نصف قرن من الزمان..،ويتواصل تسلل الجرافات الملعونة في جنح الظلام وتدنوا سفائن الغدر والموت من شواطئنا معبأة بالغل والحقد والبارود والمفخخات وتحريض ومباركة شيخ الإسلام فضيلة مفتى البلاد.. الذى سَلّطَ العباد..على العباد، فأحرق النسل والبلاد.

لقد خيبت آمالنا حمولات هذه الجرافات التي لم تتوقف بعد وآخر ما وصل الينا أمس الأول،من اخواننا في الوطن والدين والدم، واللسان والمصيرالواحد،جرافة موت أطلقوا عليها اسم (الماعون)..وما أن اقتربت الملعونة الحاقدة من شواطئ المدينة الصابرة المصابرة العنيدة العتيدة حتى طاردتها وجرفتها، ثم فجّرتها طائرات (البغاة) كما يَحْلُو لفضيلة المفتي وقناة النبأ والتناصح تسميتهم.

وبعيداً عن البحار وأمواجه الغادرة وجرافات (مَنْ يمنعون الماعون)،أعود بك يا صاحبي الى منطقة ويلزدن غرين،في لندن حيث جاورت وعرفت عن قرب الأستاذ عبدالرحمن الشاطر،ففي شهر مارس من عام 1988م طرق باب بيتي الصديق العزيز المرحوم سعد عمر ومعه الصديق العزيز أمين المرغني أطال الله عمره،أخبرني الحاج سعد بأنّ الأستاذ عبد الرحمن الشاطر كتب وأعدّ برقية تهنئة وشكر للعقيد الراحل بمناسبة إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.

بعث “الشاطر” برقية توبة نصوحة،الى (رسول العذاب)، وأضاف مع برقيته،( للقائد، وصقره الوحيد) باقة وَرْد (اعْربُوْنا)، للمحبة والقبول وما لبث أن لَحق باقة ورده وبرقيته وطار إلى طرابلس وهناك استقر وطاب له المقام مهادنا وديعاً ناعماً ليس بعيداً عن مقر (تشاركية ليبيا الغد) وسَيْف أحلامها المسلول بعد أن أمضى سنوات عديدة فى المملكة المتحدة كلاجئ صدّع رُؤوسنا و(دوّخْنا) من اضطهاد حكم العقيد، لسيادته.

لم يجرأ،ولم يستطع الأستاذ الشاطر رغم شطارته و(زقاطته) وبرقياته وباقات وُرُوده أن يقترب من (مؤتمر الشعب العام)،حيث التماسيح والضباع المتوحشة الخضراء فى الجماهيرية الأولى،غير أنه استطاع، بحجيله وهز (توانيه) وبسهولة ويسر الوصول الى المؤتمر الوطني فى الجماهيرية الثانية، حيث “الهيدقة” والأموال السائلة السائبة،والتهديد وجعجعة السلاح والمصالح الحزبية والشخصية وموت الضمائر والفتاوى الجاهزة ومن هناك سطع نجمه وصار يُشار إليه (بالبَنَان الأوسط) وكاد في غفلة الأمة وغفوتها، أن يصبح رئيس مجلس الدولة، لولا أن باغتته شطارة شاطر آخر وهو الصديق الدكتور “عبدالرحمن  السويحلي” الذى حسم الموقف، لصالحه بشطارة وفرض الأمر الواقع في دهاليز وأقبية المؤتمر الوطني وبطريقة ليست بعيدة كثيراً عن التصعيد، وطروحاته،و(اطروح) مؤتمر الشعب العام فصار بعدها ودون منافسة رئيسا لمجلس (قيادة الثورة) الجديد، فخابت أحلام الناس الذين اعتقدوا أنهم  تخلصوا وارتاحوا من دكتاتورية حكم الأخ العقيد،والعجيب الغريب فى هذا المجلس أن أحد أهم أعضائه السيد أحمد معيتيق هو ابن أخت رئيس بلادنا، التي يبدو أنها أدمنت، و(فَّحجَت) لحكم  الفرد والعائلات.. فيا دافع البليّات.

عزيزى هشام:

الحديث معك شيق، اعذرنى على الإطالة، فحكاياتنا طويلة، وحزينة، لا تنتهى أبداً، إن كان في العمر بقية، فللحديث بقية.


فتح الله ابزيو
22 فبراير2016م

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.