تأتي السعودية في مقدمة منتجي النفط في العالم لكن إنتاج 10 ملايين برميل من الذهب الأسود لا يعني أن شعب هذا البلد يعيش في رفاهية ويستمتع بثروات بلده، فصفقات السلاح الضخمة وخاصة صفقة الـ 110 مليارات دولار مع امريكا والعنتريات الهوجاء في المنطقة والمشاريع الاقتصادية لمحمد بن سلمان لبناء مدينة خيالية تحت اسم “نيوم”، والسعي لإظهار السعودية كمملكة مقتدرة ومتمولة والرحلات السياحية المكلفة للأمراء السعوديين، كلها محاولات لبناء واجهة جميلة تخفي وراءها واقعا مريرا فهي واجهة تظهر رفاهية الامراء السعوديين أمام العالم وتعتم على فقر وبطالة الشعب السعودي.
لكن الإحصائيات العالمية فضحت محاولات آل سعود لإخفاء المشكلات الاجتماعية، فوكالة بلومبرغ قالت إن السعودية هي صاحبة أسوأ أداء اقتصادي بين الاقتصاديات التي تم دراسة ادائها وان مؤشر البؤس فيها ارتفع من 12.5 الى 15.4 وأصبح هذا البلد عاشر اقتصاد بائس في العالم بعد أن كان في المرتبة الـ 14 ، والان نريد ان نرى كيف تثبت الاوضاع الداخلية في السعودية صحة هذه الإحصائيات؟
معاناة سعودية تكشفها إحصائيات تنفض الغبار عن واقع الشعب السعودي المرير
الفقر
يعتبر مستوى الفقر أحد مؤشرات الأوضاع الاجتماعية لكل مجتمع بشري لكن في السعودية فإن الوضع مختلف ولا يمكن الحصول على إحصائيات دقيقة في هذا المجال ولا توجد تقارير متقنة ودقيقة حول هذا الموضوع حيث يتسبب عدم الشفافية بأن تكون كل التقارير غير دقيقة ومع كل هذا تقول بعض التقارير ان هناك أكثر من 5 ملايين فقير في السعودية التي تقول سلطاتها إن نسبة الفقر فيها هي فقط 12.5 بالمئة، لكن تخصيص 7 مليارات دولار لمكافحة الفقر يدل على ان هذا الرقم اعلى بكثير مما هو معلن.
وإضافة إلى ذلك تقول وزارة الشؤون الاجتماعية السعودية إن مليونا و500 ألف شخص يتلقون خدمات الرعاية الاجتماعية أي المساعدات المعيشية وهذا يدل على ارتفاع مؤشر الفقر في هذا البلد.
وكانت الاحصائيات غير الرسمية في عام 2003 تشير إلى أن قرابة 13 بالمئة من الشعب السعودي هم دون خط الفقر فيما كانت جهات اخرى تؤكد أن هذا الرقم هو 25 بالمئة، وقد نشرت جريدة واشنطن بوست تقريرا في عام 2017 جاء فيه ان ما بين مليون و4 ملايين مواطن سعودي يعيشون بأقل من 530 دولارا في الشهر، وأكدت الجريدة أن السلطات السعودية تتستر على الفقر المتفشي في البلاد “ببراعة”.
وتشهد المناطق التي يقطنها المسلمون الشيعة في السعودية نسبة أعلى من الفقر قياسا بباقي مناطق المملكة، ومن بعدها تعاني المحافظات الجنوبية الثلاث (عسير ونجران وجازان) من أعلى نسب الفقر، وهذا يعود إلى سياسة السلطات السعودية في التركيز على تنمية المناطق المركزية فقط ما أدى إلى تنمية غير موزونة في البلاد.
وإضافة إلى هذا يقول وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي إن 60 بالمئة من المواطنين السعوديين يمتلكون بيوتا خاصة بهم وهذا يعني ان 40 بالمئة من الشعب لا يملكون بيوتا خاصة بهم بسبب فقرهم.
البطالة
تعتبر البطالة أحد مؤشرات البؤس في المجتمع لكن الإحصائيات حول البطالة في السعودية أيضا ليست دقيقة فالسلطات السعودية تقول إن نسبة البطالة في الشهور الأربعة الأولى من عام 2017 كانت 12.7 بالمئة وأن أعلى نسب البطالة هي في المنطقة الشرقية التي يقطنها الشيعة، لكن بالاضافة الى مناطق الشيعة فإن المدن والمحافظات الاخرى تعاني أيضا من ارتفاع نسبة البطالة التي تبلغ في محافظة الجوف الشمالية 22.6 بالمئة وفي المدينة المنورة 21.2 بالمئة وفي جازان 17.5 بالمئة وفي الحائل 16.8 بالمئة وفي الرياض 11.6 بالمئة.
ولا شك أن سماح السلطات السعودية بإجراء دراسات دقيقة وميدانية ومن دون رقابة حكومية ستثبت أن مستوى البطالة في السعودية هو اعلى بكثير مما يقال.
إن ارتفاع عدد السكان في السعودية سيترافق بالتأكيد مع ازدياد الفقر والبطالة والتضخم، فالمنظمة العامة للإحصاء في السعودية قد أعلنت مؤخرا أن عدد سكان هذا البلد قد وصل إلى 32 مليونا و600 ألف شخص في النصف الأول من عام 2017 وهذا يعني أن عدد السكان قد ازداد 870 ألف شخص منذ عام 2016.
ويشكل السعوديون 63 بالمئة من عدد السكان أي 20 مليونا و400 ألف نسمة فيما يبلغ عدد السكان غير السعوديين 12 مليونا و200 ألف نسمة أي 37 بالمئة من السكان وهذا يعني ارتفاع مؤشر البؤس في السعودية.
إن السعودية التي تظهر نفسها كدولة متمولة وغنية ومرفهة، تخفي حقائق في داخلها عن الفقر والبطالة والتضخم، فالرفاهية هي ملك الأمراء والبطالة والفقر من نصيب عامة الشعب الذين يرزحون تحت سطوة 7000 أمير من العائلة المالكة يشغلون دوما المناصب الحكومية. إن في السعودية 200 أمير يمتلكون المناصب العليا وأكثر من 6000 أمير لديهم مناصب حصرية وهم يديرون هذه المملكة الشاسعة والغنية بثرواتها الطبيعية كملك خاص ويطلقون اسم “السعودية” على هذا البلد وهم يمسكون زمام الأمور من عنقها منذ 15 عقدا ويحرمون باقي أفراد الشعب من المشاركة في إدارة بلدهم ومن التمتع بثرواتهم الوطنية وهذا ما ادى الى تفشي الفقر في البلاد.
المصدر: الوقت