ترميم الرياض علاقاتها مع واشنطن يُنتج عجزاً حاداً في الخزينة السعودية

[post-views]
1
مملكة آل سعود.. 2017 عام الهزائم والانكسارات:

القيادة الأمريكيّة لا تتمثّل في ترامب وحده إذ هناك أطراف أخرى غير راضية كلياً عن “السعودية” وعلى رأسهم وزير الخارجية “ريكس واين تيلرسون” الذي يقف على مسافة من الأزمات التي تقف وراءها “السعودية” وينتقد أسلوب سياستها الداخلية على الدوام، لذا فإن الطاولة قد تقلب على رأس محمد بن سلمان لاحقاً رغم أن واشنطن هي الأكثر استفادة من هذه العلاقات.

عقب تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية ما لبث أن توجّه نحو الرياض ليكن أول بلدٍ يزوره بصفته رئيساً، وقد عقد ترامب خلال هذه الزيارة ثلاث قمم أمريكية ـ عربية تمكّن من خلالها حصد مئات المليارات من الدولارات. سرعة تنفيذ هذه الزيارة لم تكن مفاجئة كونه قد أعلن سابقاً خلال حملته الإنتخابية عن نيته إعادة ترميم العلاقات الأمريكية – السعودية بفتح أفق التعاون بعدما كانت قد تشنّجت في عهد الرؤساء الأمريكيّين السابقين.

إسراف في الإنفاق يتبعه عجز الخزينة:

وقّع سلمان بن عبد العزيز ودونالد ترامب خلال عقد القمة السعودية – الأميركية عدة اتفاقيات تعاون منها ما هو عسكري – دفاعي ومنها ما هو تجاري بقيمة 460 مليار دولار، يتخللها 110 مليارات قيمة صفقات عسكرية سابقة على أن تسلّم واشنطن أسلحة على الفور للجانب السعودي، بالإضافة إلى صفقات تعاون دفاعي بقيمة 350 ملياراً على مدى عشر سنوات مقبلة. أما عن الصفقات التجارية فقد أبرمت شركة جنرال إلكتريك الأميركية صفقات مع “السعودية” بقيمة 15 مليار دولار، فضلاً عن توقيع اتفاقية لشركة أرامكو النفطية بقيمة خمسين ملياراً بالوقت الذي دخلت فيه “السعودية” نفق الأزمة الاقتصادية حيث يقدّر عجز الخزينة لعام 2018، 52 مليار دولار، وهو نفس عجز العام الماضي تقريباً والبالغ 52.8 مليار دولار، أدى ذلك إلى تخبّط الإدارة “السعودية” لسدّ العجز العام فلجأت إلى حلب حصّة المواطن ولأول مرة في “السعودية”  تُفرض ضرائب على المواطنين، ترتفع أسعار الوقود وتفرض رسوم على العمالة الوافدة والشركات المحلية إلى جانب تقليص الرواتب والتقديمات الإجتماعية، كما أن منسوب البطالة ارتفع الى 30% فيما يضلل الاعلام “السعودي” هذه النسبة بإعلانها 12.8 %  فقط. وفي المقابل يتصرّف محمد بن سلمان بمنطق أفلطوني في المضي بتنفيذ رؤية 2030 التي بدا سوء طالعها جليّاً منذ العام المنصرف.

دوافع تنشيط العلاقات الأمريكية ـ السعودية:

من البديهي التساؤل في هكذا موضع عن سبب الجود “السعودي” أمام ترامب، فما الذي أتى به الأخير بالخلاف عن أسلافه السابقين؟ الجواب، ينقسم الى شقين، الأول يتعلّق بالنفوذ السياسي للسعودية إذ أنه على سبيل المثال في العام 2011 يختلف تماماً عمّا هو عليه اليوم، وبالتالي فإن إثباط التمدّد السعودي في المنطقة واستعار المواجهة مع إيران في ظل تمترس الأخيرة على العديد من الجبهات في الوطن العربي، لإسقاط المشروع الصهيو-سعودي، أوجب على السعودية إعادة ترميم العلاقات مع أمريكا على قاعدة “معاً ضد إيران” ، أما الشّق الآخر هو أن ترامب أسرف بإظهار العداء بإتجاه ايران بعكس الرئيس السابق باراك أوباما الذي عقد الإتفاق النووي مع إيران عام 2015 وهذا ما أدّى إلى توتّر العلاقات بين البلدين، أما ترامب فقد كسب ثقة “السعوديين” بسهولة إثر تصعيد وتيرة خطاباته ضد الإيرانيين. ذلك أن الصفقات العسكرية بين أميركا و”السعودية” كانت الأضخم في تاريخ الولايات المتحدة وهذا ما أعلنه المتحدث بإسم البيت الأبيض “شون سبايسر” في تغريدة على حسابه عبر موقع تويتر واصفاً صفقة الأسلحة “بأنها الأكبر في تاريخ الولايات المتحدة”.

مصير العلاقات الأمريكية ـ السعودية:

مشكلة الرياض هي أنها تتصرّف وكأنها واشنطن لناحية التمدّد في المنطقة، إلاّ أن نظيرتها تملك مقومات اقتصادية وعسكرية متينة وتاريخ من الخبرة السياسية تجعلها في صدد إسقاط أنظمة وعقد تحالفات وإقصاء دول، فبالحيلة دخلت الولايات المتحدة الأمريكية الى العراق وأفغانستان، كذلك إلى سوريا وغيرها، أما الرياض فتقف عاجزة عن الحفاظ على حلفائها لا بل عن السيطرة على مكوناتها الشعبية. وننوه هنا أن القيادة الأمريكيّة لا تتمثّل في ترامب لوحده إذ أن هناك أطراف أخرى غير راضية كلياً عن “السعودية” وعلى رأسهم وزير الخارجية الحالي “ريكس واين تيلرسون” الذي يقف على مسافة من الأزمات التي تقف وراءها “السعودية” وينتقد أسلوب سياستها الداخلية على الدوام.

لذا فإن الطاولة قد تقلب على رأس محمد بن سلمان لاحقاً رغم أن واشنطن هي الأكثر استفادة من هذه العلاقات، لا لشيء انما بذريعة إحراج على مستوى حقوقي أو إنساني قد تسببه “السعودية” للإدارة الأمريكية. مهما تطوّرت العلاقات الأمريكية – “السعودية” يجب أن لا يخفى على “السعوديين” أنه ليس هناك علاقة تحابب وتغازل مع أميركا بل إنه هناك علاقات هيمنة وتبعية وتغطرس تنتهجها الأخيرة بإتجاه حلفائها، وإذا أعلنت “السعودية” انهيارها اقتصادياً ستنتهي هذه الصفقة للأبد لا بل أكثر من ذلك قد تصبح “السعودية” هدفاً عسكرياً للولايات المتحدة ومن سخرية القدر أنها قد تقاتلها بأموالها.


المصدر:مرآة الخليج

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.