مـصـراتـة الأخـرى مـصـراتـة الـحـقـيـقـيـة

[post-views]
66

مـصـراتـة الأخـرى مـصـراتـة الـحـقـيـقـيـة..الـعـقـيـد سـالـم جُـحـا أُنـمـوذجـاً.
…………………………………………………………………………..

هذا العسكري المحترف داهمته فبراير بينما كان من أكثر الضباط مهارة واحترافية وانضباطية، ليجد نفسه مقاتلاً شرساً صحبة شباب مدنيين معظمهم لم يَـر بندقيةً إلاّ في الاستعراضات العسكرية التلفزيونية وفي الإفلام السنمائية، حين وقع اجتياح مصراتة عسكرياً في مارس 2011 فوقع الظلم الذي لم يكن من مناصٍ لدفعه بالدم.

هذا الضابط المنضبط ذاته هو ذاته الذي وجد نفسه بعد شهور من ذلك الزمن وفي ذات العام وما تلاه، أمام الاندفاعات الهوجاء الأولى والمتوالية للشباب المدنيين الذين قادهم وحارب معهم في معارك الدفاع المشروع عن مدينته وأهله، والذين أسماهم المتأسلمون والعائدون أصحاب أجندات التمكين وشعارات الإقصاء والتخوين {الــثــوار} وأزاغوا أبصارهم وبصائرهم بالأكاذيب والشعارات والتحريض والدعايات، ودفعوا لهم الأموال الطائلة دون أسباب وبغير حساب، ودفعوهم أن يتحولوا إلى قوى قاتلة شرسة تبحث عن غنائم الوهم بين مضارب الكراهية ومرابض الأحقاد، فغادرهم مبكراً رافضاً خوض المعارك الظالمة والحروب الهمجية، فخوّنوه وآذوه واستضعفوه وتطاولوا عليه، لكنه صمد وقاوم، وفؤاده يتمزق بين محبته لأهله وكراهيته لأفعالهم.

قارع سالم جحا المتأسلمين الباغين وقارعوه، وصارعهم ولم يصرعوه، فذهبوا وبقي وهُزموا وانتصر، ليس لأنه بطل بمفرده بل لأنه اختار الـحـق، وما كان لـلـحـق إلا أن ينتصر، تلك سنّة الله، ولن تجد لسنّة الله تبديلا.

هذا الضابط الوطني إبن المؤسسة العسكرية المنضبطة المحترفة الذي يقترب من الستين دون أن يفقد لياقته التي تليق بلباقته، يكاد يكون الوحيد أو مع قلةٍ قليلة من أبناء مصراتة المعروفين للإعلام وللرأي العام الذين لا خلاف حولهم في كل الوطن ومن معظم الليبيين، رفض سنة 2011 أن يتولى وظيفة رئيس الأركان التي اختاره لها آنذاك المجلس الانتقالي، وساهمتُ أنا يومها وهو يشهد ومعه آخرون في إقناعه برفض هذا التكليف رغم ضغوطات {الثوار} ومطالبات أصحاب المصالح والغايات، ورضى قـطـر التي كانت يومذاك عبر ضباطها ومخابراتها وبواسطة أتباعها وعملائها الحاكم الحقيقي في طرابلس بل وفي كل الوطن، فكان هذا الرفض الذي لم يكن مستغرباً من هذا الرجل الوطني توفيقاً من الله وفتحاً منه سبحانه، فلو كان قبِل يومذاك وتولى المهمة المشبوهة ا{لتي تولاها بدلاً عنه الضابط المقاول يوسف المنقوش}، لكانت لـــيـبـيـــا حُرمت من قامةٍ وطنيةٍ عسكرية، احتفظ لها القدر بدورٍ كبير في مسار إعادة بناء الدولة من خلال توحيد المؤسسة العسكرية، سيكتبه لها التاريخ يوم نصبح جميعنا أثراً بعد عين، ويبقى أثر أفعالنا ماثلاً للعيون.


الكاتب الليبي: محمد بعيو

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.